يذكر في تأريخ طفولتهم أنه دخلوا الكتاتيب أو تعلّموا القرآن على المقرئين كسائر الأطفال من الناس ، فما علم الامام إلاّ وراثة عن أبيه عن جدّه عن الرسول عن جبرئيل عن الجليل تعالى ، وسوف نشير الى بعض آثاره العلميّة والى تعليمه لتلامذته ، وما سواها ممّا هو دخيل في حياته العلميّة.
ما كان أخذ العلم عنه على الطراز الذي تجده اليوم من الحوزات العلميّة والنقاش في الدليل والمأخذ ، بل كان تلامذته يرون إمامته عدا قليل منهم ، والاماميّة كما تقدّم ترى أن علم الامام لا يدخل فيه الرأي والاجتهاد فيحاسب الامام على المصدر والمستند ، وإنما علمه إلهي موروث ، نعم ربّما يسأله السائل عن علّة الحكم سؤال تعلّم واستفاده لا سؤال ردّ وجدل.
على أن من أخذوا عنه العلم من غير الاماميّة كانوا يرون جلالته وسيادته وإمامته (١) وقد عدّوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها (٢).
وهذا ابن أبي الحديد قد أرجع علم المذاهب الأربعة إليه في الفقه (٣).
فكان السائل يأتي إليه ويستعلمه عمّا أشكل عليه ، وكان الكثير منهم قد استحضر الدواة والقرطاس ليكتب ما يمليه عليه الامام ليرويه عنه عن تثبّت.
وإذا أردت أن تعرف مبلغ علمه فانظر إلى كثرة من استقى منه العلم فقد بلغ من عرفوه منهم أربعة آلاف أو يزيدون ، ولما ذا روى هؤلاء كلّهم عنه ولم يرووا عن غيره ، مع وفرة العلماء في عصره ، ولما ذا إذا روى أحد منهم عنه وقف
__________________
(١) تهذيب الأسماء واللغات وينابيع المودّة ..
(٢) مطالب السؤل ..
(٣) شرح النهج : ١ / ٦ ..