فقال أبو عبد الله عليهالسلام : يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ، ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها ، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها ، لا يدرى للذكر خلقت أم للانثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لهذا مدبّرا؟ قال : فأطرق مليّا ، ثمّ قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجّة من الله على خلقه ، وأنا تائب ممّا كنت فيه (١).
حضر أبو عبد الله عليهالسلام مجلس المنصور يوما وعنده رجل من الهند يقرأ كتب الطبّ فجعل أبو عبد الله الصادق عليهالسلام ينصت لقراءته ، فلما فرغ الهندي قال له : يا أبا عبد الله أتريد ممّا معي شيئا؟ قال : لا ، فإن معي ما هو خير ممّا معك ، قال : وما هو؟ قال : أداوي الحار بالبارد والبارد بالحار ، والرطب باليابس واليابس بالرطب ، وأردّ الأمر كلّه الى الله عزّ وجل ، وأستعمل ممّا قاله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واعلم أن المعدة بيت الداء وأن الحميّة هي الدواء ، واعوّد البدن ما اعتاد ، فقال الهندي : وهل الطبّ إلاّ هذا؟ فقال الصادق : أفتراني عن كتب الطبّ أخذت ، قال : نعم ، قال : لا والله ما أخذت إلاّ عن الله سبحانه ، فأخبرني أنا أعلم بالطبّ أم أنت؟ فقال الهندي : لا بل أنا ، فقال الصادق عليهالسلام : فأسألك شيئا ، قال : سل.
__________________
(١) الكافي : كتاب التوحيد منه ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ..