إن غلاما من غلمان زمزم منعني الماء وقال : أتريد الماء لإله العراق ، فتغيّر لون أبي عبد الله عليهالسلام ورفع يده عن الطعام وتحرّكت شفتاه ، ثمّ قال للغلام : ارجع فجئنا بالماء ، ثمّ أكل فلم يلبث أن جاء الغلام بالماء وهو متغيّر اللون ، فقال : ما وراك؟ فقال : سقط ذلك الغلام في بئر زمزم فتقطّع وهم يخرجونه ، فحمد الله عليه (١).
وأرسل غلامه مرّة الى بئر زمزم ليأتيه بالماء ثمّ سمعوه يقول : اللهمّ اعم بصره ، اللهمّ أخرس لسانه ، اللهم أصم سمعه ، فرجع الغلام يبكي ، فقال :
مالك؟ قال : إنّ فلانا القرشي ضربني ومنعني من السقاء ، قال : ارجع فقد كفيته ، فرجع وقد عمي وصمّ وخرس وقد اجتمع عليه الناس (٢).
كم أعلم عليهالسلام عن حادثة وقعت بعد حين ، وعن أمر حدث كما أخبر عن ملك بني العبّاس مرارا قبل أن يكون ، جاءه أبو مسلم الخراساني وناجاه سرّا بالدعوة له ، وأعلمه أنّ خلقا كثيرا أجابوه ، فقال له الصادق عليهالسلام : إن ما تؤمي إليه غير كائن لنا حتّى يتلاعب بها الصبيان من ولد العبّاس ، فمضى الى عبد الله بن الحسن فدعاه ، فجمع عبد الله أهل بيته وهمّ بالأمر ، ودعا أبا عبد الله عليهالسلام للمشاورة ، فلما حضر جلس بين السفّاح والمنصور ، وحين استشير ضرب على منكب السفّاح ، فقال : لا والله أو يملكها هذا أوّلا ، ثمّ ضرب بيده الاخرى على منكب المنصور وقال : وتتلاعب بها الصبيان من ولد هذا ، ووثب
__________________
(١) بحار الأنوار : ٤٧ / ٩٨ / ١٥ ، الخرائج والجرائح لقطب الدين سعد الله بن هبة الله الراوندي ، وكان من العلماء المتبحّرين والفقهاء المحدّثين ومن تآليفه شرح النهج وكانت وفاته في شوال عام ٥٧٣ ..
(٢) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٠٨ / ١٣٩ ..