ومثل كلام الرسول السالف ، ومثل ما جاء عنه وعن آله في تفسير تلك الظواهر ، ومن ورائها جميعا حكم العقل بنزاهته تعالى عن مشابهة الحوادث ومجانسة الممكنات.
ولا أدري كيف نفث ذلك السحر فأعمى بعض الأبصار والبصائر ، فجعل ناسا من الأوائل يخبطون خبط عشواء في التوحيد؟
إن هناك صفات تستلزم الحدوث مثل المكان والزمان والكيف والحيث والحركة والانتقال ، وما سواها ، فقد يتوهّم بعضهم من ظاهر بعض الآيات هذه الصفات اللازمة للجسميّة ، فكان الصادق عليهالسلام يدفع أمثال هذه التوهّمات ببالغ حجّته ، كما توهّم بعضهم أنه تعالى جسم من قوله جلّ شأنه في كتابه المجيد « ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم » (١) الآية ، فقال الصادق عليهالسلام في جوابه : هو واحد واحديّ الذات بائن من خلقه ، وبذلك وصف نفسه ، وهو بكلّ شيء محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة ، لا يعزب عنه ذرّة في السموات ولا في الأرض ، ولا أصغر ولا اكبر ، بالاحاطة والعلم لا بالذات ، لأن الأماكن عنده محدودة تحويها حدود أربعة ، فإذا كان بالذات لزمها الحواية (٢).
وأجاب عليهالسلام آخر بأوجز من هذا البيان فقال : من زعم أن الله تعالى من شيء فقد جعله محدثا ، ومن زعم أنه في شيء فقد جعله محصورا ، ومن زعم أنه
__________________
(١) المجادلة : ٧ ..
(٢) التوحيد : باب الحركة والانتقال ..