كلّ حين يبعث بها فنعيش بها الى قابل ، ولكنّي لا يصلني جعفر بدرهم مع كثرة ماله (١).
وكان لا يترك صلاته حتّى لقاطعيه منهم ، وحتّى ساعة الاحتضار ، فإنه حين دنا أجله وكان في سكرات الموت أمر بإجراء العطاء ، وأمر للحسن بن عليّ الأفطس (٢) بسبعين دينارا فقيل له : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة ليقتلك؟ فقال عليهالسلام : ويحكم أما تقرءون : « والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب » (٣). إن الله خلق الجنّة فطيّبها وطيّب ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (٤).
هذه نفحات من هباته السرّيّة ، وصلاته الخفيّة ، التي تمثّل لك الرحمة والرأفة.
وكان التجاوز عليه يأتيه من القريب والبعيد ، فلا يقابله إلاّ بالصفح بل ربما قابله بالبرّ والإحسان.
وقد مرّ عليك شطر منه في العنوان الماضي وكثير في حياته السياسيّة في محنه وسيأتي في أبواب كثيرة ، ونحن نورد لك الآن بعض ما ينبيك عن هذا الخلق
__________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب : ٤ / ٢٧٣ ..
(٢) هو الحسن بن علي الأصغر بن علي بن الحسين عليهماالسلام وخرج مع محمّد بن عبد الله وكانت بيده راية بيضاء وابلى ، ويقال : إنه لم يخرج معه أشجع منه ولا أصبر وكان يقال له رمح آل أبي طالب لطوله وطوله ولما قتل محمّد اختفى الحسن هذا ، وحين دخل الصادق العراق ولقي أبا جعفر تشفّع به فشفعه ، ومع هذه الصنيعة وتلك الصلات حمل عليه بالشفرة ..
(٣) الرعد : ٢١ ..
(٤) غيبة الشيخ الطوسي طاب ثراه ، والمناقب : ٤ / ٢٧٣ ..