ببعض ، شأن الاخوة المتحابّين لا سيّما ساعة العسرة ، وكان ذلك التحالف والتعاقد على خلاف ما تدعو إليه المروّة ، وذلك الربح على غير ما يتطلّبه الإرفاق ، ومن ثمّ استنكر الصادق هذا العمل حتّى عدّ الربح بهذا الوجه غير حلال فسمّاه حراما على نحو المجاز ، وكان ذلك تعليما منه لمصادف ومن سمع منه من أوليائه.
وتشاجر أبو حنيفة سائق الحاجّ (١) مع ختنه (٢) فيه ميراث فمرّ عليهما المفضّل بن عمر ، وكان وكيلا للصادق عليهالسلام في الكوفة ، وبعد ساعة من وقوفه عليهما أمرهما بالمجيء معه الى الدار وأصلح أمرهما بأربعمائة درهم ودفعها من عنده ، وبعد استيثاق كلّ واحد من صاحبه قال لهما : أما أنها ليست من مالي ، ولكن أبو عبد الله عليهالسلام أمرني اذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما وافتديهم من ماله ، فهذا مال أبي عبد الله عليهالسلام (٣).
أجل ما أفضل إصلاح ذات البين ، ولكن الأفضل فيه أن يفتدي المصلح من ماله ، وهذه هي العاطفة حقا التي تريك الرأفة والرحمة ملموستين.
وما كان حاله مع الغلامين والجارية فيما سبق في الحلم حلما فحسب ، بل حلم وعطف ، فإنه لم يقنع بأن يصفح عمّا كان منهم دون أن يعطف على الأول فيروّح له ، وهو إمام الامّة ، ويمدح الثاني بأنه غير عيي القلب ، ويهب للجارية جرمها ، وما اكبره ، بل يزيد في الإحسان لها أن يحرّرها من رقّ العبوديّة.
وما أوفر عطفه فكم دعا لسجين بإطلاق سراحه كما في دعائه لسدير وعبد الرحمن وهما من أصحابه وكانا في السجن ، وعلّم أمّ داود الحسني ، وكان في
__________________
(١) واسمه سعيد بن بيان وكان من أصحاب الصادق وثقات رواته ..
(٢) الختن ـ بالتحريك ـ الصهر ..
(٣) الكافي : ٢ / ٢٠٩ / ٤ ..