قال الصادق عليهالسلام : كان في الرأس شؤن لأن المجوّف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فاذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد وجعل الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الأدهان الى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويردّ الحرّ والبرد عليه ، وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصبّ النور الى العينين (١) وجعل فيها التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس الى العين قدر ما يميطه الانسان عن نفسه وهو كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه ، وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردّا (٢) عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليردّ عليهما قدر كفايتهما منه ، وجعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين الى كلّ عين سواء ، وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت مربّعة أو مدوّرة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج منها داء ، وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المتحدّرة من الدماغ ويصعد فيه الأراييح الى المشام ، ولو كان في أعلاه لما نزل منه داء ولا وجد رائحة ، وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ الى الفم لئلاّ يتنغّص على الانسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه ، وجعلت اللحية للرجال ليستغنى بها عن الكشف (٣) في المنظر ويعلم بها الذكر من الانثى ، وجعل السنّ حادّا لأنه به يقع العض ، وجعل الضرس عريضا لأنه به يقع الطحن والمضغ ، وكان الناب طويلا ليسند (٤) الأضراس والأسنان كالاسطوانة في البناء ، وخلا الكفّان من الشعر لأن بهما يقع
__________________
(١) فلو كان في الجبهة لحال دون النور ..
(٢) ليورد في نسخة ..
(٣) أي كشف العورة ..
(٤) وفي نسخة ليشدّ. والمعنى عليهما معا لا يختلف ..