فهذا الإمام السجاد عليهالسلام وهو يستحضر هذا المشهد فيلفت انتباه الناس من حوله تغيّر لونه حال وضوئه وكان إذا قام إلىٰ الصلاة اخذته رعدة فقيل له : مالك ؟ فقال عليهالسلام : « أتدرون بين يدي من أقوم ومن أُناجي ؟ » (١) إنّه الحضور بين يدي مالك الملك.
وهو صورة أُخرىٰ من صور الامتثال والخضوع ، ولا شك أنه يحمل من معاني الخضوع فوق ما يحمله القيام ، ولكلٍّ معناه وأبعاده ومغزاه.
ومع صورة التعظيم الظاهرة في انحناءة الركوع ، يأتي الذكر الذي يصحبها متوّجاً معنىٰ التعظيم ومركّزاً مغزاه في قلب الراكع : « سبحان ربي العظيم وبحمده ».
هذه المرتبة من التعظيم أفردها الإسلام لله تعالىٰ وحده ، فنهىٰ أن ينحني أحد أمام أحد احتراماً وتعظيماً ، ولذلك تميّز الركوع بمرتبة أخص من الامتثال قياماً في الولاء والخضوع والتعظيم ، فالقيام يقع كثيراً في يوميات الانسان ، كالامتثال قياماً بين يدي الوالدين ، أو بين يدي المعلم ، أو الرئيس أو الملك ، ولكن يحرّم الركوع لهؤلاء ولغيرهم ؛ لأنّه من
__________________
(١) مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور ١٧ : ٢٣٦ / ١٣٤ ترجمة علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، دار الفكر ـ دمشق ١٤٠٩ ه ط ١. وسير أعلام النبلاء / الذهبي ٤ : ٣٩٢ / ١٥٧ ترجمة علي بن الحسين عليهمالسلام ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ١٤١٢ ه ط ٨.