والسجود الذي نروم الحديث عن فضله وآثاره ليس سجود المرائين والمنافقين القائم علىٰ أساس بلوغهم أهداف خسيسة زائلة ، ومقاصد حقيرة عاجلة ، فلا شكّ أنه ليس له من تلك الآثار نصيب ، ولا لفاعله إلاّ الخيبة والخسران.
وإنّما هو السجود الصادق لله عزَّ وجلّ وإن اختلفت شدته ورتبته من ساجد إلىٰ آخر ، وبالجملة فإنّ السجود الصادق لله عزَّ وجلّ له من الآثار والفضائل ما يجلّ وصفها ، وسوف نذكر ما تيسر لنا منها اهتداء بأحاديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله عليهمالسلام ، وعلىٰ النحو الآتي
لقد مدح الله تعالىٰ الساجدين في أكثر من موضع ، ولا سيّما ممن جمع مع السجود الجهاد في سبيل الله وتحلّى بمكارم الأخلاق ، لأنّ السجود بطبيعته خضوع لله تعالىٰ ، لذا فإنّه يستوجب الزهد بكلِّ شيء من أجله تعالىٰ ، والاقبال علىٰ ما يوفّر رضاه ومحبته ، قال تعالىٰ : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (١).
أي أنّ سجودهم لله تذللاً وتخشعاً أثّر في وجوههم أثراً ، وهو سيماء الخشوع لله ، ويعرفهم به من رآهم ، وقيل : المراد أثر التراب في جباههم لأنهم كانوا إنّما يسجدون علىٰ التراب ، لا علىٰ الأثواب (٢).
__________________
(١) سورة الفتح : ٤٨ / ٢٩.
(٢) الميزان في
تفسير القرآن / السيد محمد حسين الطباطبائي ١٨ : ٣٠٠ في تفسير