مما تميز به النبي موسىٰ عليهالسلام من بين جميع الأنبياء عليهمالسلام هو أن الله سبحانه وتعالىٰ اصطفاه بكلامه ، ولم ينل هذه الرتبة إلاّ بعد أن جسّد موسى عليهالسلام أقصىٰ حالات التواضع والخضوع لله جلَّ وعلا فكان يطيل السجود ويعفّر خدّه في التراب زيادة في التذلل وطلب القرب من العلي الأعلىٰ.
فقد روي عن الإمام أبي عبدالله الصادق عليهالسلام أنّه قال : « كان موسىٰ بن عمران عليهالسلام إذا صلّىٰ لم ينفتل ـ من صلاته ـ حتىٰ يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض » (١).
وروي عن أبي عبدالله الصادق عليهالسلام أنّه قال : « أوحىٰ الله عزَّ وجلَّ إلىٰ موسىٰ عليهالسلام : أن يا موسىٰ أتدري لِمَ اصطفيتك بكلامي دون خلقي ؟ قال : يا ربِّ ولِمَ ذاك ؟ فأوحى الله تبارك وتعالىٰ إليه أن : يا موسى إني قلّبت عبادي ظهراً لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفساً منك ، يا موسىٰ إنّك إذا صليت وضعت خدَّك علىٰ التراب ـ أو قال علىٰ الأرض ـ » (٢).
من وصايا الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لصاحبه أبي ذر الغفاري رحمهالله وهو يرشده
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه / الصدوق ١ : ٢١٩ / ٩٧٣ باب سجدة الشكر والقول فيها.
(٢) اُصول الكافي ٢ : ١٢٣/ ٧ باب التواضع. ومن لا يحضره الفقيه/ الشيخ الصدوق ١ : ٢١٩ / ٩٧٤ باب ٤٧ عن الإمام الباقر عليهالسلام باختلاف يسير.