بسم الله الرحمن الرحيم
مقدِّمة المركز
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف مبعوث للعالمين، نبيّنا محمد المصطفى وآله الطيّبين الطاهرين ، ومن أخلص من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد :
إنّ أساليب علاقة الإنسان بخالقه تعالى تتّسع باتّساع الحياة وطرق التعامل معها في شؤونها المختلفة ، وليست هي موقوفة على أسلوب واحد أو نمط واحد ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) ، فللإنسان في مسيرة حياته بطولها خطوط وصل بينه وبين الله تعالى لا يحول دونها شيء إلاّ إرادة الإنسان نفسه في تقطيعها أو تهميشها ، ذلك الذي سيجر إلى نفسه الشقاء بمحض إرادته. فما زال الإنسان يشقّ طريق حياته من خلال معرفته بالله تعالى وتحري سبل رضاه متمثلاً قوله تعالى : ( وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ ) فهو على سبيل النجاة. إذ هو ماضٍ مع كلمة الله تعالى في خلقه : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ). وتلك هي العبادة في مفهومها الواسع الذي لا تخرج عن إطاره صغيرة أو كبيرة في طريق الكدح الإنساني الطويل. وهكذا تكون حياة الإنسان عامرة بالعبادة ، فهو على صلة بالله تعالى لا تنقطع.
غير أنّ الإنسان أحوج ما يكون إلىٰ انماط من الصلة بالله تعالى تكون فيها الروح هي الحاضرة بالدرجة الأولى ، بعيداً عن معترك الحياة وشؤونها. فالروح تسمو في أجوائها الخاصة بها ، وتتألّق حيث تتراجع مصالح الجسد العاجلة ومشتهياته.
من هنا كانت العبادات الخاصة التي
أوجبتها الشريعة السمحة بمثابة الفرص النموذجية لتألق الروح وتساميها وتكاملها ، لاستجماع البصيرة وشحذها بمزيد من الطاقة اللازمة لدفعات الحياة اللاحقة.. ناهيك عما تتفرد به