هذه العبادات الخاصة من أسباب القرب إلى الله تعالى ونيل رضاه ، فالحجّ والصيام هجرتان إلى الله تعالى في لونين مختلفين ، تعيش الروح مع كلِّ منهما نمطا من أنماط التكامل والسمو ، وفي الزكاة والصدقات حركة جهادية تنفلت فيها الروح من أسر ( الأنا ) ومن أسر المادة لتذوق حلاوة الإحساس بالمسؤولية إزاء عباد الله الذين كرّمهم الله تعالى وعظّم حرماتهم. وفي الصلاة انقطاعة لا نظير لها إلى الله تعالى. وقوف وامتثال وخضوع في أشكال شتى وأذكار متعدّدة تنتقل خلالها الروح من روض إلى روض ، ومن فناء إلى فناء ، ومن موعظة إلى أخرى. تستقبل في ذلك كلّه أجمل التعاليم في سياق منتظم ، إنّها مدرسة الروح ومنتجع القيم.
وفي أثناء هذه الرياضة الروحية المثلى يستشعر الإنسان قربه الحقيقي من باريه حين يضع جبهته على التراب ، ساجداً خاضعاً مسبّحاً بحمد ربّه الأعلى الذي سبّح له كلّ شيء.
إنّ المتمثل لحالات السجود يدرك جيّداً أنَّ السجود وحده مدرسة. ولا شكّ فإنّ لكلّ مدرسة نظامها وحدودها وآدابها. ومن ناحية أخرى فلقد ارتبطت بمدرسة السجود معالم أخرى واقترنت بها لأسباب جديرة بتحقّق ذلك الاقتران ، فدخلت في موسوعة السجود مفردات مثل ( التربة الحسينية ) فما هو موقع هذه المفردة من هذه الموسوعة ، وكيف نفهم مفردات أخرى تعترضنا هنا من قبيل ( سجود الملائكة لآدم ) ، و ( سجود يعقوب وبنيه ليوسف ) ونحو هذا ؟
في مدرسة السجود هذه وبين صفحات موسوعتها سينتقل بنا هذا الكتاب مجيباً عن شتى الأسئلة ممّا له بالبحث صلة.
والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل
مركز الرسالة