الدال على الوجوب أنّ الثواب قد بلغنا لأنّ الوجوب فيه ثواب ورجحان ، ولذلك يتحقّق العنوان الثانوي فيحكم بالاستحباب الواقعي الثانوي.
وأمّا إذا بنينا على الاحتمال الأوّل أي على جعل الحجيّة التعبديّة الظاهرية لعنوان بلوغ الثواب ، فهنا لا يثبت شيء من هذه المدلولات أصلا.
وتوضيح ذلك : أمّا أنّه لا يمكن إثبات الوجوب فواضح ؛ لأنّ الخبر الضعيف لا يدعي أحد أنّه يثبت الحكم الإلزامي ، فالخبر الضعيف لو قيل بحجيّته فلا يقال بها في إثبات الحكم الإلزامي كالوجوب والحرمة ، إذ لا دليل على ذلك أبدا ، وإنّما الخلاف في أنّه هل يكون حجّة في إثبات الاستحباب أو الكراهية أم لا؟
وأمّا أنّه لا يمكن إثبات الاستحباب به فلأنّ الدال على الاستحباب والثواب ليس المدلول المطابقي لهذا الخبر وإنّما يستفاد الاستحباب والثواب بالدلالة الالتزاميّة ، لأنّ الشيء إذا كان واجبا فهذا يعني وجود مصلحة في فعله وأنّه يوجد ثواب على ذلك وأنّه جائز فعله ، وهذا يفترض أنّ المدلول المطابقي للكلام لا بدّ أن يكون تامّا وحجّة لكي يكون المدلول الالتزامي حجّة أيضا ، والمفروض هنا أنّ المدلول المطابقي الذي هو الوجوب لم تثبت حجيّته بعد ، لأنّ الخبر ضعيف السند ، فكيف يمكن أن يكون المدلول الالتزامي حجّة مع أنّ المدلول الالتزامي ساقط عن الحجيّة من أوّل الأمر؟!
وبتعبير آخر : أنّ الوجوب لم يثبت أصلا ليقال بأنّ مدلوله الالتزامي حجّة ، فإذا لم يثبت الوجوب فكيف يمكننا استكشاف الاستحباب والثواب من هذا الخبر؟ وكيف يكون هذا الخبر طريقا ودالا على شيء ليس من مدلوله وليس داخلا في مفاده؟ لأنّ دلالته على الاستحباب فرع دلالته على الوجوب أوّلا ، والمفروض أنّه ليس دالا أو ليس حجّة في الوجوب فكيف يكون دالا وحجّة في الاستحباب والثواب؟!
وأمّا أنّه لا يمكن إثبات الجامع أي عنوان الرجحان والطلب ، فلأنّ هذا الجامع ليس مدلولا مطابقيا ولا تضمنيا لهذا الخبر وإنّما هو مدلول التزامي تحليلي بحسب ما يدركه العقل من الوجوب والاستحباب من كونهما راجحين ومطلوبين للشارع ، وهذا المدلول التحليلي الالتزامي ناشئ ومتفرّع من ثبوت المدلول المطابقي للدليل أي الوجوب والاستحباب ، والمفروض أنّ هذا الخبر لا يدلّ على الاستحباب ودلالته على الوجوب ساقطة ، لأنّه ليس حجّة في إثباته ، وحينئذ يحكم بسقوط هذا المدلول