بل يتسامح في ذلك ويتنازل عن شروط الحجيّة أو أنّه يتسامح في ذلك وتوسّع دائرة الحجيّة لتشمل كل خبر حتّى الخبر الضعيف سندا.
وأمّا الاحتمال الثاني فهو لا يتناسب مع القاعدة ، ولا يصلح مستندا لها ؛ لأنّ مفاده جعل استحباب واقعي تحت عنوان ثانوي ، وهذا لا يتناسب مع التنازل أو التوسعة في شروط الحجيّة ، لأنّها تنظر إلى الحكم الظاهري بينما الاحتمال الثاني ينظر إلى الواقع.
فالصحيح هو أنّ الاحتمال الأوّل لا يمكن المصير إليه أيضا لكونه مخالفا لظاهر هذه الروايات ، فإنّ ظاهرها إنشاء استحباب مجعول على عنوان من بلغه سواء كان هذا الاستحباب ثابتا في الواقع أم لا ، وهذا يتناسب مع العنوان الثانوي الذي هو موضوع للحكم الواقعي لا الظاهري ، لأنّ الحكم الظاهري مجعول في مقام الشك في الواقع وهذه الروايات تصرح بأن هذا الحكم بالاستحباب ثابت حتّى مع عدم مطابقته للواقع ، بقوله : « وإن كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقله » ، وهذا لا يتناسب مع الحكم الظاهري بل مع الحكم الواقعي ، ولذلك يتعين القول بأنّها بصدد إنشاء حكم واقعي بالاستحباب على عنوان البلوغ الثانوي ، وعليه فلا تتم القاعدة المذكورة (١).
__________________
(١) ذكر السيّد الشهيد في بحوثه أنّه لا معيّن للاحتمال الثاني على الأوّل ، رغم مخالفته لظاهر الروايات ، ولذلك لم يرجّح أحدهما على الآخر ، إلا أنّ بعض مشايخنا ذكر في تقريراته للسيد الشهيد أنّه قد رجّح الثاني على الأوّل كما هو مذكور هنا.