كان اتحادهما مستندا الى اقتضاء وحدة الوجود لوحدة الايجاد فايجاد اللفظ عين وجوده لا ايجاد شيء آخر.
وثانيا : بأن حضور المعنى في الذهن مباين ـ تحقّقا وتحصّلا ـ لحضور اللفظ فيه ، ومقتضى وحدة الوجود والإيجاد ذاتا كون إحضار المعنى مباينا ـ تحقّقا وتحصلا ـ لإحضار اللفظ ، وليس معنى التفهيم والإعلام إلاّ إحضار المعنى في الذهن بإحضار اللفظ فيه بذكر اللفظ الذي يدخل من طريق السمع فيه ، وحيث إن المعاني صارت ملازمة بالوضع للألفاظ ، فأيّ مانع من إحضارها في الذهن برمّتها بسبب إحضار اللفظ فيه بذكره خارجا ، فهناك بعدد المعاني حضورات وإحضارات وإرادات ، وحيث إنها غير متحدة مع وجود اللفظ خارجا ، وحضوره وإحضاره ذهنا بل ملازمة له ، فلا يلزم اثنينية الواحد وتعدّده.
وأما الجواب عنه : بأن الإحراق مترتّب على الإلقاء بمقدار تخلّل الفاء ؛ نظرا إلى أنّ وجود الحرقة (١) مترتب على الملاقاة بمقدار تخلل الفاء.
فمندفع : بأن ترتب وجود الحرقة (٢) على الملاقاة من باب ترتب المشروط على شرطه ، وعلى وجود النار من باب ترتب المسبّب على سببه ، بخلاف إحراق النار ، فإنه معنى تأثيرها أثرها ، والتأثير ليس أثرا لمؤثّره ؛ كي يترتّب عليه ، بل التأثير والتأثّر متضايفان.
فالإحراق بالعرض المنسوب إلى الشخص بالأولوية ، وتأثير النار أثرها ، أو وجود الأثر وإن كان مشروطا ، لكنه بالملاقاة لا بحيثية صدورها من الشخص التي هي معنى الالقاء ، فلا ترتب للإحراق ولا لوجود الحرقة (٣) على الالقاء ، لا من باب ترتب المسبب على سببه ، ولا من باب ترتب المشروط على شرطه ، مع أن مجرّد الترتّب الناشئ من التقدم والتأخر بالطبع ، لا يقتضي التقدم في الوجود ،
__________________
(١ و ٢ و ٣) الحرقة والحرقة بمعنى الحرارة ، لكن المناسب للسياق هنا هو ( الاحتراق ).