أجنبي عن الاتحاد والمغايرة ، فكما أن الاتحاد في الوجود لا يلاحظ بين المبدأ والذات ، كذلك المغايرة بين المفهومين لا تلاحظ بين المبدأ والذات ، فالبحث عن لزوم المغايرة بينهما ـ فضلا عن دعوى الاتفاق على لزوم المغايرة ـ أجنبي عن مقتضيات الحمل ، بل المغايرة بين المبدأ والموضوع ـ مفهوما ومصداقا ـ أمر اتفاقي ، لا تدور صحة الحمل مدارها ، فاذا كان الحمل بين الوجود والموجود ، والسواد والاسود ، ونحوهما فلا مغايرة مفهوما بين الموضوع ومبدأ المحمول مع ثبوت المغايرة المفهومية بين المحمول والموضوع.
وأما ما عن شيخنا الاستاذ في فوائده (١) : من أن الموجود : إن حمل على الوجود المفهومي ـ أي المعنى المصدري ـ فلا يصحّ الحمل ؛ لعدم المغايرة مفهوما بين الموضوع ومبدأ المحمول. وإن حمل على الوجود العيني الطارد للعدم ، فلا مفهوم في طرف الموضوع ليوافق مبدأ المحمول ليمنع عن الحمل ، بل المغايرة ثابتة بين العيني ومفهوم المبدأ بالحقيقة.
فما لا يصل إليه فكري القاصر ؛ لأنّ عدم صحة حمل الموجود على الوجود المفهومي ليس لأجل عدم المغايرة مفهوما ، بل لعدم الاتحاد مفهوما بين الموضوع ونفس المحمول إن كان الحمل ذاتيا ، ولعدم الاتحاد وجودا بينهما إن كان الحمل شائعا.
وأما صحة الحمل على الوجود العيني ، فليست من أجل كون الموضوع هو الوجود العيني ـ بما هو ـ ، وإلاّ لما انعقدت قضية حملية ، بل بتوسّط مفهوم الوجود الفاني في مطابقه ، فعاد عدم المغايرة المفهومية بين مفهوم الموضوع ومبدأ المحمول ، فالوجه في صحة الحمل ما ذكرنا.
وإذا كان الحمل بين الماهية والموجود ، والجسم والأسود ، كانت المغايرة المفهومية بين الموضوع ومبدأ المحمول ثابتة قهرا ، إلا أنّ المعتبر من المغايرة غير
__________________
(١) وهي ملحقة في ذيل حاشيته على رسائل الشيخ الأعظم (رحمه الله) : ٣١٣.