.............
__________________
نقول : إن مفهوم التشخّص والتعيّن لا يشخّص ولا يعيّن ؛ لأنّ ضمّ مفهوم إلى مفهوم أو إلى ما فرض أنه غير متشخّص بذاته ، يستحيل أن يحقّق تشخّصا وتعيّنا ، فإنّ مفهوم التشخّص تشخّص بالحمل الأوّلي ، لا بالحمل الشائع ، فكيف يعقل أن تكون إضافته إلى ما ليس متشخّصا توجب تشخّصا بالحمل الشائع؟! ووجود مفهوم التشخّص إذا لم يكن بذاته متشخّصا ليس إلا وجود ما لا يكون متشخّصا بالحمل الشائع ، وكذا مفهوم النور ومفهوم الخير نور وخير بالحمل الأولي ، لا بالحمل الشائع ، فحالهما في عدم إفادة النورية والخيرية بالحمل الشائع حال التشخّص المفهومي ، مع أنه كيف يعقل أن يكون العرض متشخصا بذاته وخيرا بذاته ونورا بذاته ، والوجود الجوهري لا متشخصا بذاته ولا نورا ولا خيرا بذاته؟!
فإن قلت : ما ذكرت أولا ـ أن هذه النعوت لا يوصف بها الماهية بالذات ؛ لأنّ الماهية غير واجدة لها بذاتها ـ إنما ينفي كونها ذاتية لها بالمعنى المتداول في كتاب الكليات ، وأما الذاتي في كتاب البرهان ـ بمعنى كفاية وضع الذات في صحة انتزاعه منها ـ فلا ، كما في لوازم الماهيات على المشهور ، فإنها وإن كانت عرضية في كتاب الكليات ، لكنها ذاتية في كتاب البرهان.
قلت : كما أن الماهية غير واجدة بذاتها لها ، كذلك غير واجدة بذاتها لاستلزامها واستتباعها واقتضائها ، وإلا لزم الخلف ، وكون الاستلزام : إما عين ذاتها ، أو جزء ذاتها ، فلا يكون اللازم منتزعا من مرتبة ذات الماهية ـ من حيث هي ـ بل لا بد من إضافة حيثية الوجود في انتزاعها.
وأما تحقيق حال لوازم الماهية ، فنقول :
هي إما معان ثبوتية كالزوجية والفردية اللازمتين لبعض مراتب العدد ، وإما معان سلبية كالإمكان الذي هو بمعنى سلب الضرورة وعدم كون الماهية بذاتها مصداقا للوجود أو العدم.
أما الأول : فالمعاني الثبوتية : إما من العوارض الذهنية كالكلية ، والجزئية ، والنوعية ، والجنسية ، والفصلية. وإما من الأعراض المقولية اللازمة لموضوعاتها. والاولى اعتبارات عقلية ، ومعروضها الماهية باعتبار ثبوتها في الذهن من باب القضية الحينية. والثانية مقولات عرضية ذات ماهية ووجود ، فبعضها كالزوجية والفردية من مقولة الكيف ، وموضوعها الكم المنفصل ، والمقولات متباينات بالذات ، وبعضها كالكبر والصّغر من مقولة الإضافة ، وموضوعها الكمّ المتّصل ، وهكذا غيرها من المفاهيم الثبوتية.