ـ الخبر ـ وهو ظاهر في أن الإرادة التشريعية حقيقتها الأمر والنهي ، وأن حقيقة الإرادة والمشيّة هي الإرادة التكوينية.
ومما ذكرنا في المقدّمة آنفا في الفرق بين الإرادة التكوينية والتشريعية تعرف : أنه لا مجال لانقداح الإرادة التشريعية في النفس النبوية ، ولا في النفس الولوية ـ خصّهما الله بألف تحية ـ وذلك لبداهة عدم فائدة عائدة من الفعل إليهما ، بل إلى فاعله ، وعود فائدة من قبل إيصال النفع إلى النبي أو الولي لا يوجب كون الإرادة المتعلقة بالبعث والزجر تشريعية ، لأنهما من أفعالهما الاختيارية المتوقفة على الإرادة فهي تكوينية لا تشريعية.
فتحصّل من هذا البيان القويم البنيان : أنّ حقيقة التكليف الجدّي البعث إلى الفعل بداعي انبعاث المكلف ، أو الزجر عنه بداعي الانزجار ، وهذا المعنى لا يتوقف على إرادة نفس الفعل مطلقا ، بل فيما إذا رجع فائدته إلى المريد.
ومن البيّن أن حقيقة التكليف الجدي بهذا المعنى موجود في حق المؤمن والكافر ، والمطيع والعاصي ؛ إذ ليس المراد من كون البعث بداعي الانبعاث جعل البعث علة تامة للفعل ، وإلاّ كان المكلف مجبورا لا مختارا ، بل جعله بحيث يمكن أن يكون داعيا وباعثا للمكلف ، فلو خلا عما يقتضيه شهوته وهواه ، كان ذلك التكليف باعثا فعلا ، فيخرج من حدّ الإمكان إلى الوجوب ، وسيجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ ما يتعلق بالمقام في مستقبل الكلام (١).
١٥٢ ـ قوله [ قدس سره ] : ( قلت : إنما يخرج بذلك عن الاختيار لو لم يكن ... الخ ) (٢).
توضيحه : أن إرادته ـ تعالى ـ لو كانت متعلقة بفعل العبد مطلقا ـ اراده أم لا ـ لكان للجبري أن يستكشف عدم تأثير قدرة العبد وإرادته في فعله ؛ إذ
__________________
(١) التعليقة : ١٥٤ عند قوله : ( ومنه ظهر أن المصلحة ... ) إلى آخر التعليقة.
(٢) الكفاية : ٦٨ / ١.