..........
__________________
لا حاجة إلى فعل نفساني يكون محقّقا للاستناد.
وان كان الثاني ففيه : أن هذا الأمر المسمى بالاختيار : إن كان عين تأثير النفس في حركة العضلات وفاعليتها لها ، فلا محالة لا مطابق له في النفس ؛ ليكون أمرا ما وراء الإرادة ؛ إذ ما له مطابق بالذات ذات العلة والمعلول وذات الفاعل والمفعول ، وحيثية العلية والتأثير والفاعلية انتزاعية ، ولا يعقل ان يكون لها مطابق.
وان كان أمرا قائما بالنفس فنقول : إن كان قيامه بها قيام الكيف بالمتكيّف ، فحاله حال الإرادة من حيث كونه صفة نفسانية داخلة في مقولة الكيف النفساني ، فكلّ ما هو محذور ترتّب حركة العضلات على صفة الإرادة ، وارد على ترتّب الحركات على الصفة المسمّاة بالاختيار ، فإنها أيضا صفة تحصل في النفس بمباديها قهرا ، فالفعل المرتّب عليها كذلك.
وإن كان قيامه بها قيام الفعل بالفاعل لا قيام الكيف بالمتكيّف ففيه :
أولا ـ أنّ النفس بما هي ـ مع قطع النظر عن قواها الباطنة والظاهرة ـ لا فعل لها ، وفاعلية النفس لموجودات عالم النفس التي مرت سابقا ، هو إيجادها النوري العقلاني في مرتبة القوة العاقلة ، أو الوجود الفرضي في مرتبة الواهمة ، أو الوجود الخيالي في مرتبة المتخيّلة ، كما أن استناد الإبصار والاستماع إليها أيضا بلحاظ أنّ هذه القوى الظاهرة من درجات تنزّل النفس إليها ، ومن الواضح أن الايجاد النوري ـ المناسب لإحدى القوى المذكورة ـ أجنبي عن الاختيار الذي جعل أمرا آخر ، مما لا بد منه في كل فعل اختياري ؛ بداهة أن النفس بعد حصول الشوق الأكيد ليس لها إلاّ هيجان بالقبض والبسط في مرتبة القوة العضلانية.
وثانيا ـ أن هذا الفعل النفساني المسمّى بالاختيار إذا حصل في النفس فان ترتب عليه حركة العضلات بحيث لا تنفكّ الحركة عنه كان حال الحركة وهذا الفعل النفساني حال الفعل وصفة الارادة ، فما المانع عن كون الصفة علة تامة دون الفعل النفساني ، وكونه وجوبا بالاختيار مثل كونه وجوبا بالإرادة؟!
وثالثا ـ أن الاختيار الذي هو فعل نفساني : إن كان لا ينفكّ عن الصفات الموجودة في النفس ـ من العلم والقدرة والإرادة ـ فيكون فعلا قهريا لكون مباديه قهرية لا اختيارية ، وإن كان