وفي قوله دام ظلّه : ( من الواحد ) إشارة إلى أن فرض الكلام ما ذكرنا ، فلا تغفل.
٦ ـ قوله [ قدس سره ] : ( ثم إنه ربما لا يكون لموضوع العلم ، وهو الكلي ... الخ ) (١).
قد عرفت سابقا : أن العلم عبارة عن مجموع قضايا متشتتة يجمعها الاشتراك في غرض خاص دوّن لأجله علم مخصوص ، فلا محالة ينتهي الأمر إلى جهة جامعة بين تلك القضايا موضوعا ومحمولا ، والموضوع الجامع لموضوعات القضايا موضوع العلم ، والمحمول الجامع لمحمولاتها محموله.
وقد عرفت سابقا أيضا : أن أمر العلم يتم بتدوين جملة من القضايا المتحدة في الغرض ، ولا يتوقف حقيقته على تعيين حقيقة الموضوع ، إلا أنه لا برهان على اقتضاء وحدة الغرض لوحدة القضايا موضوعا ومحمولا ، إلاّ أنّ الامور المتباينة لا تؤثر أثرا واحدا بالسنخ ، وأنّ وحدة الموضوع أو وحدة المحمول تقتضي وحدة الجزء الآخر.
مع أن البرهان المزبور لا يجري إلا في الواحد بالحقيقة ، لا الواحد بالعنوان ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، بداهة أن صون اللسان عن الخطأ في المقال ـ في علم النحو مثلا ـ ليس واحدا بالحقيقة والذات ، بل بالعنوان ، فلا يكشف عن جهة وحدة ذاتية حقيقية.
كما أن اقتضاء القضايا للغرض واقتضاء الموضوعات لمحمولاتها ، ليس على حد اقتضاء المقتضي لمقتضاه والسبب لمسببه ؛ حتى تكون وحدة أحدهما كاشفة عن وحدة الآخر ، بل في الاولى من قبيل اقتضاء الشرط لمشروطه ؛ حيث
__________________
(١) الكفاية : ٨ / ٦.