عليه الامتثال فرد ودفعة واحدة ، وغيره لغو لم يستوف المولى منه الغرض ، وهو مناط الامتثال على الفرض. فافهم.
١٨٩ ـ قوله [ قدّس سره ] : ( فإنه مع الإتيان بها مرّة لا محالة يحصل الامتثال ... الخ ) (١).
هذا التفصيل إنما يناسب القول بالطبيعة أو المرّة ، والفراغ عن عدم اقتضاء الإطلاق لمرّة أو مرّات ، فتعليل عدم اقتضاء الإطلاق لمرّة أو مرات بهذا الوجه لا يخلو عن شيء ؛ إذ لو اقتضت مقدّمات الحكمة (٢) للإطلاق بهذا المعنى لكشفت عن كون الغرض سنخ غرض يتوقف ترتّبه على الفعل على عدم لحوق فرد آخر أفضل منه أو مطلقا. فتدبر.
__________________
(١) الكفاية : ٧٩ / ١٧.
(٢) قولنا : ( إذ لو اقتضت مقدّمات الحكمة .. الخ )
مقدمات الحكمة تارة تقتضي تعيّن المرّة : إما بأن يقال : إن المرة كأنها لا تزيد على وجود الطبيعة عرفا بخلاف وجودها مرات ، فمع عدم الدالّ عليها يتعين إرادة وجودها مرّة.
وإما بدعوى : أنّ صرف وجود الطبيعة من دون تقييد يقتضي الاكتفاء بمرة ؛ لأنّ صرف وجود الشيء هو طارد العدم الأزلي ، وناقض العدم المطلق ، وبأول وجود من الطبيعة ينتقض العدم.
ويندفع هذه الدعوى : بما ذكرنا في محله (أ) من أن كلّ وجود ناقض العدم البديل له ، فناقض العدم المطلق لا يعقل إلاّ في صرف الوجود الذي لا يشذّ عنه وجود ، وهو هنا غير معقول ، فيرجع الأمر إلى ملاحظة أوّل وجود من الطبيعة ، وهو تعيّن يحتاج إلى البيّنة عليه.
واخرى يقتضي المقدمات الاطلاق من حيث المرّة والمرّات. وهو أيضا على قسمين :
أحدهما ـ ما يكون نتيجته التخيير بين الأقلّ والأكثر ، فيراد مرّة من وجود الطبيعة ، أو مرات بحيث يكون وجودها مرات مطلوبا واحدا ، وهو المناسب للتكرّر المأخوذ في المادّة فإنّ
__________________
(أ) التعليقة : ١٨٩ من مبحث النواهي من الجزء الثاني.