وذلك لأنّ كلّ ذلك لا ينافي حصول الغرض وسقوط الأمر بتقريب : أن سقوط الأمر بحصول الغرض الملزم أمر ، واختيار المعادة واحتسابها في مقام إعطاء الأجر والثواب أمر آخر. والسرّ في جعل المعادة ـ لمكان أفضليتها من الاولى ، كما دلّت عليه طائفة من الأخبار (١) ـ ميزانا للأجر والثواب ، دون الاولى ـ اشتراكها مع الاولى في ذات المصلحة القائمة بها مع زيادة ، فليس مدار الثواب على الاولى المقتضية لدرجة واحدة من القرب ، بل على الثانية المقتضية لدرجات من القرب ، والاولى وإن استوفت بمجرّد وجودها درجة من القرب ، لكن حيث إنّ المعادة تكرار ذلك العمل بنحو أكمل ، فلا يحتسب ما به الاشتراك مرتين ، فصح أن يقال باحتسابهما واختيارهما معا ، كما دلّ عليه قوله ـ عليه السلام ـ : « وإن كان قد صلّى كان له صلاة اخرى » (٢) ، ويصحّ أن يقال باختيار المعادة وجعلها مدار القرب ؛ لوجود ما يقتضيه الاولى فيها (٣) وزيادة. فتفطّن.
ويمكن أن يقال أيضا : إن الصلاة المأتيّ بها أوّلا توجب أثرا في النفس ، فكما أنه يزول بضدّ أقوى ، فلا يحسب عند الله وإن لم يوجب القضاء ، كذلك ينقلب إلى وجود أشدّ وآكد إذا تعقّب بمثل أقوى ، كما في الجماعة والفرادى ،
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥١ باب ٥٦ في الجماعة وفضلها ، حديث : ٣٥ ـ ٣٧. والتهذيب ٣ : ٢٧٠ باب ٢٥ في فضل المساجد والصلاة فيها وفضل الجماعة واحكامها ، حديث : ٩٨.
والكافي ٣ : ٣٨٠ كتاب الصلاة باب : ٥٥ في الرجل يصلّي وحده ثم يعيد جماعة من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث : ٦ ، ٧ ، ٨.
والوسائل ٥ : ٣٨٣ كتاب الصلاة ، صلاة الجماعة باب ٦ في استحباب إيقاع الفريضة قبل المخالف أو بعده وحضورها معه ، حديث : ١ ـ ٩.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٥٥ كتاب الصلاة ، صلاة الجماعة باب ٦ في استحباب إعادة المنفرد صلاته إذا وجدها جماعة ، حديث : ٢.
(٣) أي لوجود القرب ـ الذي تقتضيه الصلاة ـ في الثانية ـ أي المعادة ـ مع زيادة قرب تختصّ به المعادة ؛ لأنها الفرد الأكمل.