تقليده في ظرف العمل أو أن اللاّزم تطبيقه لفتوى المجتهد الّذي يجب تقليده في زمان الرجوع أو المدار على مطابقته لكلتا الفتويين ومع فرض المخالفة لإحداهما يحكم ببطلانه؟
الصحيح أن المدار في ذلك على مطابقة العمل لفتوى المجتهد الواجب تقليده في زمان الرجوع ، ولا عبرة بفتوى المجتهد الّذي كان يجب عليه تقليده في زمان العمل ، وسرّه ما قدّمناه في مباحث الاجزاء وغيرها من هذا الكتاب (١) وفي بحث الأُصول (٢) من أن الأحكام الواقعية لا تتغير عمّا هي عليه بفتوى المجتهد أو بقيام الأمارة على خلافها ، اللهُمَّ إلاّ على القول بالسببية ولا نقول بها ، وحيث إن الإعادة وعدمها فعل من أفعال المكلف وهو لا يدري حكمها عند الالتفات إلى عمله السابق الصادر عن الجهل ، فلا مناص له من أن يرجع في حكمها إلى من يجب تقليده في زمان الابتلاء بالشك في وجوب الإعادة ، وهو المجتهد الّذي يجب تقليده في زمان الرجوع وذلك لإطلاق أدلة التقليد ، فإنه إذا أفتى بصحة ما أتى به المكلف جاهلاً بحكمه ، فمعناه أن إعادته الّتي يشك المكلف في وجوبها بالفعل غير واجبة في حقه ، كما أنه إذا أفتى بفساده كان معناه وجوب الإعادة عليه. وأما فتوى المجتهد الّذي كان يجب عليه تقليده في ظرف العمل فلا يترتب على فتواه بصحة ذلك العمل أو فساده أثر بالإضافة إلى المكلف عند الشك في وجوب إعادته ، لأنها قد سقطت عن الحجية بموت المجتهد أو بنسيانه أو بغيرهما من أسباب السقوط ، والفتوى غير المتصفة بالحجية لا يترتب عليها أثر بوجه.
إذن فالمتعيّن الرجوع إلى من يجب عليه تقليده في ظرف الرجوع ، لشكه في وجوب إعادة الفعل الّذي أتى به سابقاً وهو مما يجب أن يسأل حكمه عن الفقيه الّذي تتصف فتواه بالحجية في حقه لدى السؤال وهو المجتهد الفعلي لا السابق الّذي سقطت فتواه عن الحجية على الفرض ، وقد مرّ أن فتواه بالصحة تلازم الحكم بعدم وجوب
__________________
(١) راجع ص ٤٠.
(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٩٦.