الإعادة كما أن فتواه بالفساد ملازمة للحكم بوجوبها ، وتوضيح ذلك :
أن المجتهد الّذي تجب المراجعة إليه في ظرف الرجوع وإن لم تكن فتواه متصفة بالحجية من الابتداء وإنما حدثت حجيتها بعد ذلك ، إما لأنه لم يكن لها موضوع سابقاً لعدم كونه مجتهداً في ظرف العمل ، وإما لعدم كونه واجداً لبعض الشروط كالأعلمية أو العدالة ونحوهما ، إلاّ أن ما تتضمنه تلك الفتوى بعد ما اتصفت بالحجية حكم كلّي إلهي لا يختص بوقت دون وقت ، بل يعمّ الأزمنة المتقدمة والمتأخرة ، مثلاً إذا أفتى بوجوب التيمم على المتيمم بدلاً عن غسل الجنابة إذا أحدث بالأصغر ولم يجوّز الوضوء في حقه ، شملت فتواه هذه الأزمنة السابقة واللاّحقة لأن مضمونها حكم عام قد استكشفه المجتهد من أدلته ولا اختصاص له بعصر دون عصر. فإن مقتضى تلك الفتوى أن حكم الله المجعول في حق المتيمم بدلاً عن غسل الجنابة إذن أحدث بالأصغر هو التيمم دون الوضوء ، ولازمه بطلان الصلوات الّتي أتى بها المكلف سابقاً مع التوضؤ بعد التيمم بدلاً عن غسل الجنابة ، فبالفتوى المتأخرة الحادثة حجيتها يستكشف بطلان الأعمال السابقة في ظرف الصدور. والحكم ببطلانها وإن لم يترتب أثر عليه بالإضافة إلى الأزمنة المتقدمة ، إلاّ أن له أثراً بالإضافة إلى زمان الحال والأزمنة الآتية ، لأن لازمه وجوب الإعادة أو القضاء.
وملخص الكلام أن وجوب إعادة الأعمال السابقة وعدمه من المسائل الّتي يجب الرجوع فيها إلى الفقيه الّذي تتصف فتاواه بالحجية وليس ذلك إلاّ المجتهد الفعلي لسقوط فتوى المجتهد السابق في ظرف العمل عن الحجية بالموت أو نحوه ، لوضوح أنه لو لم تسقط فتاواه عن الحجية لم يجز له تقليد المجتهد الحاضر ، وقد فرضنا أن فتوى المجتهد الفعلي بطلان الصلاة مع الوضوء في تلك المسألة ، ومضمونها أن ذلك هو حكم الله الواقعي العام غير المختص بوقت دون وقت.
نعم ، لا مناص من الالتزام بعدم وجوب الإعادة أو القضاء في الموارد الّتي قام الدليل فيها على عدم الوجوب ، وذلك كما إذا أخلّ في الصلاة بغير الأركان من أجزائها أو شرائطها بأن صلّى بلا سورة أو أتى بالتسبيحات الأربع مرة واحدة وكانت فتوى المجتهد الفعلي وجوب السورة أو وجوب التسبيحات ثلاث مرات ، وذلك لحديث