لا تعاد لدلالته على عدم وجوب الإعادة إلاّ من الخمسة المذكورة في الحديث وليست منها السورة أو التثليث في التسبيحات الأربع ، بل لا تجب إعادة الصلاة في أمثال المقام وإن كان عمله مخالفاً لكلتا الفتويين ، كما إذا أفتى كل من المجتهد السابق واللاّحق بوجوب السورة أو التثليث في التسبيحات الأربع. إذن ، الإخلال بغير الخمسة الواردة في الحديث غير موجب لبطلان الصلاة ولا لإعادتها إلاّ فيما دلّ الدليل على وجوب الإعادة فيه كما إذا كبّر جالساً وكانت وظيفته الصلاة قائماً ، أو كبّر قائماً وكانت وظيفته الصّلاة جالساً وذلك للنص (١) هذا بالإضافة إلى الجاهل القاصر.
وأما المقصّر فإن كان ملتفتاً حال العمل ومتردداً في وجوب السورة مثلاً في الصلاة ، فلا يشمله حديث لا تعاد لاختصاصه بما إذا حدث الشك في صحة العمل بعد الإتيان به بحيث لولا انكشاف الخلاف بعد ذلك لم تجب إعادته أو قضاؤه ، وليس الأمر كذلك في الجاهل المقصّر الملتفت حال العمل لأنه شاك في صحة عمله من حينه وقبل أن يأتي به ، ومقتضى أن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية أعني قاعدة الاشتغال ، وجوب الإعادة في أمثال المقام انكشف له الخلاف أم لم ينكشف كما أنه لو لم يأت به حتى خرج وقته وجب عليه القضاء لعدم إتيانه بما هو المأمور به الظاهري في حقه بقاعدة الاشتغال ، فقد فاتت عنه الصلاة ووجب عليه قضاؤها ظاهراً.
وأما المقصّر غير الملتفت فقد ادعوا الإجماع على بطلان عمله وانّه كالعالم والمتعمد في ترك الواجب ومعه لا يفرق بين قسمي الجاهل المقصّر أعني الملتفت وغير الملتفت في بطلان عملهما وعدم كونهما مشمولين للحديث ، هذا إذا تمّ الإجماع كما ادعي.
وأما لو لم يتم أو قلنا إن القدر المتيقن منه أن المقصّر كالمتعمد من حيث استحقاقه العقاب وتنجز التكليف عليه لا من حيث صحة العمل وبطلانه ، فلا مانع من شمول الحديث للمقصر غير الملتفت في نفسه وبه يحكم بصحة عمله وإن كان مخالفاً لفتوى كلا المجتهدين.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ : ٥٠٣ / أبواب القيام ب ١٣ ح ١.