رجلٌ منافقٌ يظهر الايمان ، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله متعمداً ، فلو علم الناس أنه منافقٌ كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلىاللهعليهوآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل : وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإن يقولوا تسمع لقولهم.
ثم بقوا بعده فتقربوا الى أئمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا !
وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.
ورجلٌ سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
ورجلٌ ثالثٌ سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
وآخرُ رابعٌ لم يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد في ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلىاللهعليهوآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآله الكلام له وجهان : كلامٌ عام وكلامٌ خاص ، مثل القرآن ، وقال الله عز وجل في كتابه : ما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا.
فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله. وليس كل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يسأله عن الشيء فيفهم ! وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن