كتاب ( حقيقة التوسل والوسيلة على ضوء الكتاب والسنة )
تأليف موسى محمد علي ـ الناشر دار التراث العربي بمصر ـ طبعة ثانية ـ ١٤١٠
قال في صفحة ٢٧ وما بعدها :
والوسيلة ما يتقرب به الى الغير. والجمع الوسل ، والوسائل ، والتوسيل والتوسل واحد ، يقال : وسل فلان الى ربه وسيلة ، وتوسل اليه بوسيلة ، إذا اقترب اليه بعمل.
وهي أيضاً : كل ما جعله الله سبباً في القربى عنده ، ووصلة الى قضاء الحوائج منه ، والمدار فيها على أن يكون للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل اليه.
ولفظ الوسيلة عامٌ في الآيتين ، فهو شاملٌ للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين ، في الحياة وبعد الممات ، وبإتيان الأعمال الصالحة على الوجه المأثور به ... أخرج الطبراني في معجمه الكبير والأوسط بسند رجاله رجال الصحيح ، وابن حبان والحاكم عن أنس أنه قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما ، دخل عليها رسول الله .. الحديث ، وفي آخره : أنه لما فرغ من حفر لحدها دخل رسول الله فاضطجع فيه وقال : الله الذي يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فانك أرحم الراحمين.
ففي هذا الحديث الثابت ، توسله عليه الصلاة والسلام الى ربه بذاته ، التي هي أرفع الذوات قدراً ، وبإخوانه من النبيين وجلهم موتى ، عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
فالتوسل بسيدنا رسول الله ، والتوسل بسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والتوسل بالصالحين من عباد الله سبحانه ، والاستغاثة بهم جميعاً ، على النحو الذي عليه الأمة ، من اعتقاد أنهم عبادٌ مكرمون مقبولو الشفاعة ، عند الله تعالى بفضله ، هو مما أجمعت عليه الأمة ، ودل عليه الكتاب ، ونطقت به صحاح السنة ، وأقوال العلماء.