كف ظلمه ، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره ، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة.
إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً هيهات هيهات. وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب ، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم ، وما شرٌ بشر بعده الجنة ، وما خيرٌ بخير بعده النار. كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر.
تصفية العمل أشد من العمل ، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لو لا التقى لكنت أدهى العرب.
* *
أيها الناس : إن الله تعالى وعد نبيه محمداً صلىاللهعليهوآله الوسيلة ووعده الحق ، ولن يخلف الله وعده.
ألا وإن الوسيلة على درج الجنة وذروةُ ذوائب الزلفة ، ونهاية غاية الأمنية ، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة الى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام. وما بين مرقاة درة الى مرقاة جوهرة ، الى مرقاة زبرجدة ، الى مرقاة لؤلؤة ، الى مرقاة ياقوته ، الى مرقاة زمردة ، الى مرقاة مرجانة ، الى مرقاة كافور ، الى مرقاة عنبر ، الى مرقاة يلنجوج ، الى مرقاة ذهب ، الى مرقاة غمام ، الى مرقاة هواء ، الى مرقاة نور !!
قد أنافت على كل الجنان ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله يومئذ قاعدٌ عليها ، مرتد بريطتين ، ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله ، عليه تاج النبوة واكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف ، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته ، وعليَّ ريطتان ، ريطة من أرجوان النور ، وريطة من كافور.
والرسل والأنبياء ، قد وقفوا على المراقي ، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور ، عن أيماننا وقد تجللهم حلل النور والكرامة ، لا يرانا ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالتنا.