وقيل إنها نزلت في الذين عبدوا المسيح وعزيراً.
وقيل إن قوماً عبدوا نفراً من الجن فأسلم النفر من الجن ، فبقي أولئك من الناس متمسكين بعبادتهم ، فنزلت هذه الآية. انتهى.
وعلى هذا المنوال نسج المفسرون الباقون .. ومنهم ابن تيمية ، الذي أهمل كغيره أن الآية في مدح المتوسلين ، وأخذ منها ذم الذين الذين عبدوا المتوسلين !
قال في رسالة فتيا في نية السفر / ٤٣٠ :
فالآية تتناول كل من دعا من دون الله من هو صالح عند الله من الملائكة والإنس والجن ! قال تعالى : هؤلاء الذين دعوتموهم لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، إن عذاب ربك كان محذورا.
قال أبو محمد عبد الحق بن عطية في تفسيره : أخبر الله تعالى أن هؤلاء المعبودين يطلبون التقرب اليه والتزلف اليه ، وأن هذه حقيقة حالهم ، والضمير في ربهم للمبتغين أو للجميع ، والوسيلة هي القربة ، وسبب الوصول الى البغية ، وتوسل الرجل إذا طلب الدنو والنيل لأمر ما ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم من سأل الله لي الوسيلة .. الحديث.
وهذا الذي ذكره ذكر سائر المفسرين نحوه ، إلا أنه برز به على غيره فقال : وأيهم ابتداء وخبره أقرب ، وأولئك يراد بهم المعبودون ، وهو ابتداء وخبره يبتغون. والضمير في يدعون للكفار ، وفي يبتغون للمعبودين ، والتقدير نظرهم وذكرهم أيهم أقرب !! وهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث الراية بخيبر فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ؟ أي يتبارون في طلب القرب !!
قال رحمهالله : وطفف الزجاج في هذا الموضع فتأمله.
ولقد صدق في ذلك فإن الزجاج ذكر في قوله أيهم أقرب وجهين كلاهما في غاية الفساد. وقد ذكر ذلك عنه ابن الجوزي وغيره ، وتابعه المهدوي والبغوي وغيرهما ،