وقال ابن تيمية في كتابه زوار المقابر / ٤٣٣ :
قال عامة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء والفراء : الوسيلة القربة ، قال قتادة : تقربوا الى الله بما يرضيه.
قال أبو عبيدة : توسلت اليه أي تقربت.
وقال عبد الرحمن بن زيد : تحببوا الى الله.
والتحبب والتقرب اليه إنما هو بطاعة رسوله ، فالايمان بالرسول وطاعته هو وسيلة الخلق الى الله ، ليس لهم وسيلة يتوسلون بها البتة إلا الايمان برسوله وطاعته.
وليس لأحد من الخلق وسيلة الى الله تبارك وتعالى إلا بوسيلة الايمان بهذا الرسول الكريم وطاعته.
وهذه يؤمر بها الانسان حيث كان من الأمكنة وفي كل وقت. وما خص من العبادات بمكان كالحج ، أو زمان كالصوم والجمعة ، فكل في مكانه وزمانه.
وليس لنفس الحجرة من داخل فضلاً عن جدارها من خارج اختصاص بشيء في شرع العبادات ولا فعل شيء منها ، فالقرب من الله أفضل منه بالبعد عنه باتفاق المسلمين ! والمسجد خص بالفضيلة في حياته صلى الله عليه وسلم ، قبل وجود القبر. فلم تكن فضيلة مسجده لذلك ، ولا استحب هو صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ، ولا علماء أمته أن يجاور أحد عند قبر ولا يعكف عليه ، لا قبره المكرم ولا قبر غيره ، ولا أن يقصد السكنى قريباً من قبر أي قبر كان.
وسكنى المدينة النبوية هو أفضل في حق من تتكرر طاعته لله ورسوله فيها أكثر كما كان الأمر لمَّا كان الناس مأمورين بالهجرة إليها فكانت الهجرة إليها والمقام بها أفضل من جميع البقاع مكة وغيرها.
بل كان ذلك واجباً من أعظم الواجبات ، فلما فتحت مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وكان من أتى من أهل مكة وغيرهم ليهاجر ويسكن المدينة يأمره أن يرجع ! انتهى.