وليس هذا المعني مما يختلف فيه الشرائع حتى يقال : إن ذلك شرع من قبلنا فإنه لو كان ذلك مما يخل بالتوحيد لم يحل في ملة من الملل ، فإن الشرائع كلها متفقة على التوحيد.
وليت شعري ما المانع من الدعاء بذلك ؟! فإن اللفظ إنما يقتضي أن للمسؤول به قدراً عند المسؤول ، وتارة يكون المسؤول به أعلى من المسؤول ، أما الباري سبحانه وتعالى كما في قوله ( من سألكم بالله فأعطوه ) وفي الحديث الصحيح في حديث أبرص وأقرع وأعمى ( أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن ) الحديث .. وهو مشهور. وإما بعض البشر ، ويحتمل أن يكون من هذا القسم قول عائشة لفاطمة : أسألك بما لي عليك من الحق.
وتارةً يكون المسؤول أعلى من المسؤول به ، كما في سؤال الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا شك أن للنبي قدراً عنده. ومن أنكر ذلك فقد كفر.
فمتى قال : ( أسألك بالنبي صلى الله عليه وسلم ) فلا شك في جوازه.
وكذا إذا قال ( بحق محمد ) والمراد بالحق الرتبة والمنزلة ، والحق الذي جعله الله على الخلق أو الحق الذى جعله الله بفضله له عليه ، كما في الحديث الصحيح قال : فما حق العباد على الله ؟
وليس المراد بالحق الواجب ، فإنه لا يجب على الله شيء ، وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد عن بعض الفقهاء في الامتناع من اطلاق هذه اللفظة.
الحالة الثانية : التوسل به بذلك النوع بعد خلقه صلى الله عليه وسلم في مدة حياته : فمن ذلك ما رواه أبو عيسى الترمذي في جامعه في كتاب الدعوات ، قال ... عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ... وقد كفانا الترمذي والبيهقي رحمهما الله بتصحيحهما مؤونة النظر في تصحيح هذا الحديث ، وناهيك به حجة في المقصود.
فإن اعترض معترض : بأن ذلك إنما كان لأن النبي صلى الله عليه وسلم شفع فيه