كما أن مقياس ابن حجر يسبب مشكلة عقيدية على الصحابة أنفسهم .. لأنه لا يكاد يوجد صحابي إلا وأبغض صحابياً آخر ، فيكونون جميعاً بهذا المقياس ( الحجري ) منافقين !!
* *
وقد حاول ابن حجر أن يخلص من هذه الورطة فنقل عن صاحب المفهم كلاماً غير مفهم ، مفاده أن الصحابة قد أبغضوا بعضهم ، وقد اشتهر بغض معاوية لعلي ، ولكن هذا البغض بزعمه ليس نفاقاً ! لأن قصد النبي صلىاللهعليهوآله أن علامة النفاق هو بغض علي بسبب نصرته للنبي فقط .. وأما بغضه لسبب آخر فهو حلالٌ زلال ، لا يوجب نفاقاً ولا هم يحزنون !!
وهي حيلةٌ وجدها علماء الخلافة القرشية قبل ابن حجر ، فحللوا بها بغض علي ، وزعموا أن التأكيد النبوي المطلق مخصوص بمن أبغضه لنصرته للنبي صلىاللهعليهوآله فقط ! فلا يشمل الذين يبغضونه لأسباب أخرى غير النصرة !!
وقد تشبثوا بتلك الحيلة لرفع حكم النفاق عن معاوية ، وتبرير أمره بلعن علي عليهالسلام على منابر الإسلام في خطب الجمعة عشرات السنين ، وتشريد أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله ومطاردتهم في كل صقع ، وتقتيل شيعتهم وهدم بيوتهم ، وتقريب مبغضيهم ولاعنيهم ، وإعطائهم مناصب الدولة !!
وقد تمسك بهذه الحيلة بعض فقهاء النواصب في عصر ابن حجر ، ودافعوا بها أمام القضاة السنيين ، الذين أصدروا حكمهم على ابن تيمية ، بأنه ناصبي منافق مبغض لعلي عليهالسلام ! فقال المدافعون : إن بغضه لعلي الذي ليس بسبب نصرته للنبي صلىاللهعليهوآله فهو مثل معاوية يبغض علياً لأسباب أخرى ، فبغضه له حلالٌ لا يصير بسببه من المنافقين ، كما أن معاوية لم يصر من المنافقين !!
ولكنه منطق متهافت :
أولاً ، لأن كلام النبي صلىاللهعليهوآله صريح في الاطلاق والعموم .. فأين دليلهم على التخصيص ، وأين المخصص والمقيد من عقل أو نقل ؟