وقال في جامع الأصول (١) في قوله (٢) : نوليك ما توليت .. أي نكلك إلى ما قلت ، ونرد إليك ما وليته نفسك ورضيت لها به.
فإذا وقفت على هذه الأخبار التي لا يتطرق للمخالفين فيها سبيل إلى الإنكار فنقول :
لا تخلو الحال من أن يكون عمر حين أمر السائل بترك الصلاة لفقدان الماء وعدم إذعانه لقول عمار ، وقوله : أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء .. عالما بشرعية التيمم ووجوب الصلاة على فاقد الماء ، متذكرا للآية وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو جاهلا بذلك غير متذكر للكتاب والسنة.
فإن كان الأول ـ كما هو الظاهر ـ كان إنكاره التيمم ردا صريحا على الله وعلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس تخصيصا أو تقييدا للنص بالاجتهاد ، بل رفعا لحكمه رأسا لظن استلزامه الفساد ، وهو إسناد للأمر بالقبيح إلى الله عز وجل وتجهيل له ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وذلك كفر صريح.
وإن كان الثاني ، كان ذلك دليلا واضحا على غاية جهله وعدم صلوحه للإمامة ، فإن من لم يعلم ـ في أزيد من عشرين سنة ـ مثل هذا الحكم الذي تعم بلواه ولا يخفى على العوام ، وكان مصرحا به في موضعين من كتاب الله عز وجل ، ولعله لعمله تعالى بإنكار هذا اللعين كرره في الكتاب المبين وأمر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير موطن ، كما يظهر بالرجوع إلى رواياتهم المنقولة في جامع الأصول وسائر كتبهم ، واستمر عليه عمل الأمة في تلك المدة مع تكرر وقوعه ، كيف يكون أهلا للإمامة صالحا للرئاسة العامة؟! لا سيما وفي القوم صادق مصدق يقول : سلوني قبل أن تفقدوني (٣) فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق
__________________
القاموس ٣ ـ ٣١٩.
(١) جامع الأصول ٧ ـ ٢٥٩.
(٢) هنا في (س) زيادة كلمة : تعالى ، وقد خط عليها في ( ك ).
(٣) أخرجه إمام الحنابلة أحمد ، وقال : روى عنه نحو هذا كثير ، وجاء في ينابيع المودة : ٢٧٤ ، وفي