وحكمته الورع ومستقره النجاة وقائده العافية ومركبه الوفاء وسلاحه لين الكلمة وسيفه الرضا وقوسه المداراة وجيشه محاورة العلماء وماله الأدب
______________________________________________________
العلم من أحد إلى آخر ، والمراد بالسلامة إما سلامته من المعاصي أو سلامة الناس من شره.
قوله عليهالسلام : وحكمته ، أي ما به اختياره للصدق والصواب ، والورع اجتناب المحرمات والشبهات ، أي ما به يختار الصدق والصواب ، وهو التحرز عن ارتكاب ما لا يليق من القول والاعتقاد والفعل والنية ويمكن أن يراد بالحكمة ما تقتضيه حكمته ، وربما يقرأ بفتح الحاء والكاف ، وهو المحيط من اللجام بحنك الدابة ، أي المانع لمركبه من الخروج عن طريقه والتوجه إلى خلاف مقصده « ومستقره » أي محل استقراره ومسكنه الذي إذا وصل إليه سكن ، واستقر فيه النجاة والتخلص عن الشكوك والشبهات ، فإن العلم والعالم لا يستقران ولا يطمئنان إلا إذا وصلا إلى حد اليقين ، أو لا يترك الحركة والسعي في تحصيل النجاة إلا مع حصولها بعد الموت ، فما دام في الدنيا لا يفتر عن السعي ، لتحصيل النجاة الأخروية ، ويحتمل أن يكون المستقر مصدرا ميميا أي استقراره في قلب العالم يوجب النجاة عن الجهل والعقوبات والحمل على المبالغة.
« وقائده » ... أي ما يقوده ويجره نحو مستقره الذي هو النجاة : العافية من الآفات والعاهات والأمراض النفسانية « وسيفه الرضا » أي الرضا بالقضاء ، أو بما وقع من العدو بالنسبة إليه ، وعدم التعرض لدفعه ، ولعله عليهالسلام إنما شبه الرضا بالسيف والمداراة بالقوس لأن بالسيف يدفع العدو القريب ، وبالقوس يدفع العدو البعيد ، والرضا والصبر يدفعان المضرة العاجلة ، والمداراة وحسن الخلق يدفعان المضرات المتوقعة ، ومحاورة العلماء : مكالمتهم ومجاوبتهم ، فإنها تقوية وتعينه كتقوية الأعوان والأنصار ، والمراد بالمال البضاعة التي يتجر بها ، وبالذخيرة ما يحرز لوقت الحاجة ، فالأدب كالبضاعة للعلم ، واجتناب الذنوب كالذخيرة له لتقوي العلم به