بكر فاستكثر ما قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره وإن خالف قاضيا سبقه لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه.
______________________________________________________
أو من الجهل بأن يكون حالا عن ضمير الفاعل.
قوله عليهالسلام بكر : أي خرج في طلب العلم بكرة ، كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كل يوم ، أو في أول العمر وابتداء الطلب ، وقال الفاضل التستري (ره) : كان المراد أنه بكر في العبادات فاستكثر منها ، مع أن ما قل منه خير مما كثر « انتهى » و « ما » في قوله مما قل ، موصولة ، وهي مع صلتها صفة لمحذوف وتقديره : فاستكثر من جمع شيء قليله خير من كثيره ، وكون قليله خيرا بالنسبة إلى كثيره لا في نفسه ، ويحتمل أن تكون « ما » مصدرية أي قلته خير من كثرته ، وقيل قل مبتدأ بتقدير أن ، وخير خبره كقولهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، وقيل : الجملة معترضة بين الكلام وفي النهج فاستكثر من جمع ما قل ، ويروى بالتنوين بأن يكون المصدر بمعنى المفعول ، فلا يحتاج إلى تقدير وبدونه يحتاج كما هنا ، والمراد بذلك الشيء الشبهات المضلة والآراء الفاسدة والعقائد الباطلة ، أو الأعمال المبتدعة ، أو زهرات الدنيا ، والأول أظهر بقرينة قوله : حتى إذا ارتوى من أجن ، والآجن الماء المتغير أستعير للآراء الباطلة والأهواء الفاسدة وقيل : في الكلام لف ونشر فالبكور في طلب الدنيا وما قبله للعلم ، والارتواء متعلق بما قبله ، والاكتناز بالبكور ، ولا يخفى بعده.
قوله عليهالسلام : واكتنز : في بعض النسخ فأكثر ، وفي الإرشاد وغيره واستكثر ، وهما ظاهران وأما الاكتناز فهو بمعنى الاجتماع والامتلاء وهو لازم ، فالإسناد إما مجازي أو في الكلام تقدير أي اكتنز له العلوم الباطلة ، وقال الجوهري : هذا أمر لا طائل فيه إذا لم يكن فيه غناء ومزية ، والمعضلات على صيغة الفاعل : المشكلات.
قوله عليهالسلام حشوا : أي كثيرا بلا فائدة.