أعاقب وإياك أثيب.
______________________________________________________
خلق الله الأفلاك وغيرها ، وأثبتوا لها كونها وسائط من إفاضة العلوم والمعارف على النفوس والأرواح ، وقد ثبت في الأخبار أن جميع العلوم والحقائق في المعارف بتوسطهم يفيض على سائر الخلق حتى الملائكة والأنبياء ، والحاصل أنه قد ثبت بالأخبار المستفيضة : أنهم عليهالسلام الوسائل بين الخلق وبين الحق في إفاضة جميع الرحمات والعلوم والكمالات على جميع الخلق ، فكلما يكون التوسل بهم والإذعان بفضلهم أكثر كان فيضان الكمالات من الله تعالى أكثر ، ولما سلكوا سبيل الرياضات والتفكرات مستبدين بآرائهم على غير قانون الشريعة المقدسة ، ظهرت عليهم حقيقة هذا الأمر ملبسا مشبها فأخطأوا في ذلك وأثبتوا عقولا وتكلموا في ذلك فضولا ، فعلى قياس ما قالوا يمكن أن يكون المراد بالعقل نور النبي صلوات الله عليه وآله الذي انشعبت منه أنوار الأئمة عليهالسلام واستنطاقه على الحقيقة ، أو بجعله محلا للمعارف الغير المتناهية ، والمراد بالأمر بالإقبال ترقيه على مراتب الكمال وجذبه إلى أعلى مقام القرب والوصال ، وبإدباره إما إنزاله إلى البدن أو الأمر بتكميل الخلق بعد غاية الكمال ، فإنه يلزم التنزل عن غاية مراتب القرب ، بسبب معاشرة الخلق ويومئ إليه قوله تعالى ( قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً ) (١) وقد بسطنا الكلام في ذلك في الفوائد الطريفة.
ويحتمل أن يكون المراد بالإقبال الإقبال إلى الخلق ، وبالإدبار الرجوع إلى عالم القدس بعد إتمام التبليغ ، ويؤيده ما في بعض الأخبار من تقديم الأدبار على الإقبال.
وعلى التقادير فالمراد بقوله تعالى « ولا أكملتك » يمكن أن يكون المراد ولا أكملت محبتك والارتباط بك ، وكونك واسطة بينه وبيني إلا فيمن أحبه أو يكون الخطاب مع روحهم ونورهم عليهمالسلام ، والمراد بالإكمال إكماله في أبدانهم الشريفة ،
__________________
(١) سورة الطلاق : ١٠.