إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) يقول ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال ( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) فآيات الله غير الله وقد قال الله ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة فقال أبو قرة فتكذب بالروايات فقال أبو الحسن عليهالسلام إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به
______________________________________________________
هذه المرة ومرة أخرى ، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصورتهم ، وفي بعض النسخ وصفتهم إلا رب العالمين ، وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن ذر عن عبد الله : ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) قال : رأى جبرئيل عليهالسلام له ستمائة جناح ، وروي أيضا بإسناده عن أبي هريرة ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) قال : رأى جبرئيل عليهالسلام بصورته التي له في الخلقة الأصلية.
« الثاني » ما ذكره عليهالسلام في هذا الخبر وهو قريب من الأول ، لكنه أعم منه.
« الثالث » أن يكون ضمير الرؤية راجعا إلى الفؤاد فعلى تقدير إرجاع الضمير إلى الله تعالى أيضا لا فساد فيه.
« الرابع » أن يكون على تقدير إرجاع الضمير إليه عليهالسلام ، وكون المرئي هو الله تعالى ، المراد بالرؤية غاية مرتبة المعرفة ونهاية الانكشاف.
قوله : حيث قال ، أي أو لا قبل هذه الآية ، وإنما ذكر عليهالسلام ذلك لبيان أن المرئي قبل هذه الآية غير مفسر أيضا ، بل إنما يفسره ما سيأتي بعدها.
قوله عليهالسلام : وما أجمع المسلمون عليه : أي اتفق المسلمون على حقيقة مدلول ما في الكتاب مجملا ، والحاصل أن الكتاب قطعي السند متفق عليه بين جميع الفرق فلا يعارضه الأخبار المختلفة المتخالفة التي تفردتم بروايتها ، ثم اعلم أنه عليهالسلام أشار في هذا الخبر إلى دقيقة غفل عنها الأكثر ، وهي أن الأشاعرة وافقونا في أن كنهه تعالى يستحيل أن يتمثل في قوة عقلية ، حتى أن المحقق الدواني نسبه إلى الأشاعرة موهما اتفاقهم عليه ، وجوزوا ارتسامه وتمثله في قوة جسمانية وتجويز إدراك القوة