قال الأشياء كلها لا تدرك إلا بأمرين بالحواس والقلب والحواس إدراكها على ثلاثة معان إدراكا بالمداخلة وإدراكا بالمماسة وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسة فأما الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم وأما الإدراك بالمماسة فمعرفة الأشكال من التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد وأما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره
______________________________________________________
تحقيق هشام لأنه من أكابر أصحاب المعصومين عليهالسلام ، وكان مظنة لأن يكون مأخوذا عنهم ، ولعل كلامه مبني على تشبيه المحسوسات بالحواس الباطنة بالمحسوسات بالحواس الظاهرة ، والمدركات العقلية بالمدركات الحسية ، تقريبا إلى الأفهام ، وحاصل كلامه على ما ذكره بعض الأفاضل : أن إدراك الأشياء بالإحاطة بها على قسمين ، إدراك بالحواس أي الحواس الظاهرة ، وإدراك بالقلب أي بالقوة العاقلة والحواس الباطنة ، والأول ينقسم إلى إدراك بالمداخلة وإدراك بالمماسة ، وإدراك لا بهما ، فأما الإدراك بالمداخلة أي بمداخلة حقيقة ما هو مدرك بالحس في الحاس كإدراك الأصوات التي هي هيئة تموج الهواء وما في حكمه المدركة بوصول تموج الهواء الداخل في الصماخ إلى حامل قوة إدراكها والمشمومات التي هي الروائح المدركة بوصول رائحة المتكيف بها ، الداخل في المنخر إلى حامل قوة إدراكها ، والطعوم والمذوقات التي هي كيفيات مذوقة المدركة بوصولها ، عند دخول المتكيف بها في الفم ، إلى حامل قوة إدراكها ، وأما الإدراك بالمماسة أي بمماسة حقيقة المدرك فمعرفة الأشكال وهيئة إحاطة الحدود من التربيع والتثليث وأمثالهما ، ومعرفة اللين والخشن أي الخشونة والحر والبرد ، وأما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر ، أي الإبصار أو إدراك البصر ، فإنه أي البصر مدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة بين حقيقة المبصر والبصر ، لا في حيز غير البصر ، ولا في حيز البصر ، ولا ينافي ذلك كون الإبصار بتوسط الشعاع أو انطباع شبح المبصر في محل قوة الأبصار.
وقيل : في حيز غيره متعلق بيدرك ، أي البصر يدرك الغير في حيز ذلك الغير