عقل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل والعقلاء هم أولو الألباب الذين قال الله تعالى ـ وما يتذكر ( إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١).
١٢ ـ أبو عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا رفعه ، عن هشام بن الحكم قال قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال ( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٢).
يا هشام إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ونصر النبيين
______________________________________________________
على التقديرين ، ويحتمل على بعد أن تكون تبعيضية ، أي عقل من صفاته وعظمته وجلاله ما يليق بفهمه ويناسب قابليته واستعداده.
الحديث الثاني عشر : مرسل وهو مختصر مما أورده الشيخ الحسن بن علي بن شعبة في كتاب تحف العقول وأوردته بطوله في كتاب بحار الأنوار مشروحا.
قوله تعالى ( يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ) : المراد بالقول إما القرآن أو مطلق المواعظ ( فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) أي إذا رد دوابين أمرين منها لا يمكن الجمع بينهما يختارون أحسنهما ، وعلى الأول يحتمل أن يكون المراد بالأحسن ، المحكمات أو غير المنسوخات ويمكن أن يحمل القول على مطلق الكلام ، إذ ما من قول حق إلا وله ضد باطل ، فإذا سمعها اختار الحق منهما ، وعلى تقدير أن يكون المراد بالقول القرآن أو مطلق المواعظ ، يمكن إرجاع الضمير إلى المصدر المذكور ضمنا أي يتبعونه أحسن اتباع.
قوله عليهالسلام : الحجج ، أي البراهين أو الأنبياء والأوصياء عليهالسلام أو الاحتجاج وقطع العذر أي أكمل حجته على الناس بما آتاهم من العقول ، ويمكن أن يكون المراد أن الله تعالى أكمل حجج الناس بعضهم على بعض ، بما آتاهم من العقل إذ غايته الانتهاء إلى البديهي ولو لا العقل لأنكره ، والأدلة ما بين في كتابه من دلائل الربوبية
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٦٩. وفيها « وما يذكر .... اه ».
(٢) سورة زمر : ١٨.