أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (١) ـ وقال ( هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٢).
يا هشام ثم وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال
______________________________________________________
بخلاف غيرهما ، وقوله ( مِنْ إِمْلاقٍ ) أي من أجل فقر ومن خشيته.
قوله تعالى ( وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ) : أي الزنا والكبائر أو جميع المعاصي ، وقوله ( ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ) بدل منه أي سرا وعلانية والفسوق الظاهرة والباطنة ، أو ما ظهر تحريمه من ظهر القرآن وما ظهر تحريمه من بطنه كما ورد في بعض الأخبار.
قوله تعالى ( إِلاَّ بِالْحَقِ ) : كالقود وقتل المرتد ورجم المحصن ( ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ) أي بحفظه ( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) أي تتبعون مقتضى عقولكم الكاملة في الاجتناب عن المحارم ، وقيل أي ترشدون فإن الرشد كمال العقل.
قوله تعالى ( مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) : صدر الآية هكذا ( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) أي من مماليككم ومن للتبعيض وفي قوله ( مِنْ شُرَكاءَ ) مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي ( فِي ما رَزَقْناكُمْ ) أي من الأموال وغيرها ( فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ ) أي فتكونون سواء أنتم وهم فيه شركاء يتصرفون فيه كتصرفكم مع أنهم بشر مثلكم وأنها معارة لكم ، و ( تَخافُونَهُمْ ) حال عن « أنتم » أو عن ضمير المخاطبين في « رزقناكم » أي والحال أنكم تخافون من شركة مماليككم في أموالكم واستبدادهم بالتصرف فيها كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض ، والغرض من التمثيل تنبيه المشركين على أن هؤلاء المشركين إذا لم يرضوا بشركة مماليكهم معهم في التعظيم والتكريم والتصرف والتدبير ، كيف يرضون بمشاركة الآلهة مع رب الأرباب
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٥٢.
(٢) سورة الروم : ٢٨.