( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (١)
يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عقابه فقال تعالى ( ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٢). ـ وقال ( إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ
______________________________________________________
مع عدم مشاركتهم إياه في شيء من الكمالات في التعظيم والتكريم والتذلل والعبادة تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، ( كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ ) أي نبينها فإن التمثيل فيما دل عليه البرهان مما يكشف المعاني ، ويدفع المشاغبات والمعارضات الوهمية ( لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) أي يستعملون عقولهم الكاملة في تدبر الأمثال.
قوله تعالى ( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا ) : أي أعمالها ( إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ) لقلة نفعها وانقطاعها أو لأنها تلهي الناس وتشغلهم عما يعقب منفعة دائمة ( وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ ) لدوامها وخلوص منافعها ولذاتها ( لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) فيه تنبيه على أن ما ليس من أعمال المتقين لعب ولهو ( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) أو ليس لكم عقل كامل حيث تركتم الأعلى للأدنى مع العلم بالتفاوت بينهما.
قوله : عقابه ، إما مفعول لقوله خوف أو يعقلون أو لهما على التنازع ، والتدمير : الإهلاك ، أي بعد ما نجينا لوطا وأهله أهلكنا قومه « وإنكم » يا أهل مكة ( لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ ) أي على منازلهم في متاجركم إلى الشام ، فإن سدوم في طريقه ( مُصْبِحِينَ ) أي داخلين في الصباح ( وَبِاللَّيْلِ ) أي ومساء أو نهارا وليلا فليس فيكم عقل تعتبرون به.
قوله تعالى ( عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ ) أي قرية قوم لوط ( رِجْزاً مِنَ السَّماءِ ) أي عذابا منها ، واختلفوا فيه فقيل : إنه كان حجارة من سجيل ، وقيل : كان نارا وقيل هو تقليب الأرض ، وقد يوجه هذا بأن المراد إنزال مبدئه والقضاء به من السماء لا عينه وهو تكلف مستغنى عنه ( بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ) أي بسبب استمرارهم على الفسق.
__________________
(١) سورة الأنعام : ٣٢.
(٢) سورة الصافات : ١٣٧ ـ ١٣٩.