وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (١)
يا هشام إن العقل مع العلم فقال ( وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ ) (٢) يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال ( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) (٣) ـ وقال ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ
______________________________________________________
قوله تعالى ( وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً ) : أي من القرية آية بينة دالة على سوء حالهم وعاقبتهم ، فقيل : هي قصتها الشائعة وقيل : هي آثار الديار الخربة ، وقيل : هي الحجارة الممطورة بعد تقليب الأرض ، فإنها كانت باقية بعده ، وقيل : هي الماء الأسود فإن أنهارها صارت مسودة ( لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) أي يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار ، وهو متعلق بتركنا أو « آية ».
قوله عليهالسلام : إن العقل في التحف ثم بين إن العقل ، والظاهر أن المراد بالعقل هنا التدبر في خلق الله وصنعه ، والاستدلال به على وجوده وصفاته الكاملة ، ويمكن إرجاعه إلى بعض ما ذكرنا من المعاني في الحديث الأول.
قوله تعالى ( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ) : أي للناس الذين سبق ذكرهم ( بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا ) أي وجدنا.
قوله تعالى ( أَوَلَوْ كانَ ) : الواو للحال أو للعطف ، والهمزة للرد أو التعجب ، وجواب لو محذوف ، أي لو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون إلى الحق لاتبعوهم.
قوله تعالى ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) للناظرين في هذه الآية اختلاف في حلها ، فمنهم من قدر مضافا ومنهم من حملها على ظاهرها ، فأما الذين قدروا مضافا ، فمنهم من قدره في جانب المشية ، وقال : تقديره ومثل داعي الذين كفروا وهو الرسول و
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٣٥.
(٢) سورة العنكبوت : ٤٣.
(٣) سورة البقرة : ١٧٠.