إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١) وقال ـ ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٢) وقال ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (٣) وقال ( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٤)
______________________________________________________
إلى مكرمة أو يمنع من قبيح ، وقال الشيخ البهائي قدسسره الحكمة ما يتضمن صلاح النشأتين أو صلاح النشأة الأخرى ، وأما ما تضمن صلاح الحال في الدنيا فقط ، فليس من الحكمة في شيء ( فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) أي يدخر له خير كثير في الدارين ( وَما يَذَّكَّرُ ) أي وما يتعظ بما قص من الآيات أو ما يتفكر ، فإن المتفكر كالمتذكر لما أودع الله في قلبه من العلوم بالقوة ، أو ما يتنبه للفرق بين من أوتي الحكمة ومن لم يؤت ، إلا أولوا العقول الخالصة عن شوائب الوهم ومتابعة الهوى.
قوله تعالى ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) : أي الذين ثبتوا وتمكنوا فيه ، من قولهم : رسخ الشيء رسوخا : ثبت والمراد بهم النبي والأئمة عليهالسلام كما سيأتي في كتاب الحجة ، وهم داخلون في الاستثناء ، ( يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ) استئناف موضح لحال الراسخين أو حال منهم ، أي هؤلاء الراسخون العالمون بالتأويل يقولون آمنا بالمتشابه أو بكل القرآن محكمه ومتشابهه على التفصيل لعلمهم بمعانيه ، وغيرهم إنما يؤمنون به إجمالا ، وفي بعض الروايات أن القائلين هم الشيعة المؤمنون بالأئمة عليهالسلام المسلمون لهم ( كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ) تأكيد للسابق ، أي كل من المحكم والمتشابه من عنده تعالى ( وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) أي وما يعلم المتشابه ، أو لا يتدبر في القرآن إلا الكاملون في العقول ، أو ما يعرف الراسخين في العلم يعني النبي والأئمة عليهالسلام وما يذكر حالهم إلا أولو الألباب يعني شيعتهم ، وقد ورد منهم عليهالسلام أن شيعتنا أولوا الألباب ، وسيأتي تمام القول فيها في كتاب الحجة إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى ( كَمَنْ هُوَ أَعْمى ) : أي أعمى القلب ، فاقد البصيرة ، لا يهتدي إلى الحق.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٦٩.
(٢) سورة آل عمران : ٧.
(٣) سورة آل عمران : ١٩٠.
(٤) سورة الرعد : ٢٠.