وقال ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١) ـ وقال ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٢)
______________________________________________________
قوله تعالى ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ ) : أي قائم بوظائف الطاعات من القنوت وهو الطاعة ( آناءَ اللَّيْلِ ) أي ساعاته ، وأم متصلة بمحذوف ، تقديره : الكافر خير أمن هو قانت ، أو منقطعة والمعنى بل أمن هو قانت كمن هو بضده ، وقرأ أمن بالتخفيف بمعنى أمن هو قانت كمن جعل له أندادا ( ساجِداً وَقائِماً ) حالان من ضمير قانت ، والواو للجمع بين الصفتين ( يَحْذَرُ الْآخِرَةَ ) في موضع الحال أو الاستئناف للتعليل ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ) نفي لاستواء الفريقين باعتبار القوة العلمية بعد نفيه باعتبار القوة العملية على وجه أبلغ لمزيد فضل العلم ، وقيل : تقرير للأول على سبيل التشبيه ، أي كما لا يستوي العالمون والجاهلون لا يستوي القانتون والعاصون.( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) أي إنما يعلم كل الشريعة والمعارف الإلهية ، ومعارف القرآن كما هي أولوا العقول الكاملة البالغة إلى أعلى درجات الكمال ، وهم الأئمة عليهالسلام أو إنما يتذكر ويعلم الفرق بين العالم المذكور والجاهل ذوو العقول الصافية ، وهم شيعتهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الأخبار الكثيرة : أن الأئمة عليهالسلام هم الذين يعلمون ، وأعداءهم الذين لا يعلمون ، وشيعتهم أولوا الألباب.
قوله تعالى ( كِتابٌ ) : هو مبتدأ « و ( مُبارَكٌ ) » خبره أو هو خبر مبتدإ محذوف ، ومبارك خبر بعد خبر ( لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ) فيعرفوا معاني المحكمات ، ثم يعرفوا بدلالتها على أهل الذكر عليهالسلام معاني المتشابهات بوساطتهم بالسماع منهم ، ( وَلِيَتَذَكَّرَ ) ويعلم جميع معانيه من محكماته ومتشابهاته بتوفيق الله تعالى ( أُولُوا الْأَلْبابِ ) وهم أهل البيت عليهالسلام ، أو ليتذكر ويهتدي بأهل الذكر ذوو العقول الصافية وهم علماء الشيعة الذين أخذوا علوم القرآن عن أئمتهم عليهالسلام.
__________________
(١) سورة زمر : ٩.
(٢) سورة ص : ٢٩.