وقال ( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَذِكْرى ـ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (١) وقال ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢).
يا هشام إن الله تعالى يقول في كتابه ـ ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ) (٣) يعني عقل وقال ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ) (٤) قال الفهم والعقل
______________________________________________________
قوله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى ) أي ما يهتدى به في الدين من المعجزات والتوراة والشرائع ، ( وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ ) أي وتركنا عليهم بعده التوراة ( هُدىً ) [ هو ] إما مفعول له لقوله ( أَوْرَثْنا ) أو حال عن فاعله أو عن الكتاب ، أي هاديا و ( ذِكْرى ) أي تذكرة أو مذكرا ( لِأُولِي الْأَلْبابِ ) أي لذوي العقول السليمة عن اتباع الهوى فإنهم المنتفعون به.
قوله تعالى ( تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) : أي الذين علم الله إنهم يؤمنون أو يصير سببا لمزيد هداية من آمن وبانضمام هذه الآية إلى الآيات السابقة يستفاد أن المؤمنين ليسوا إلا أولي الألباب.
قوله عليهالسلام : يعني عقل ، اعلم أن القلب يطلق على الجسم الصنوبري الذي هو في الجوف ، وعلى الروح الحيواني المنبعث منه ، وعلى النفس الناطقة المتعلقة به أولا لشدة تعلقه بالعضو المخصوص ، أو لكونه متقلب الأحوال ، وعلى قوة إدراك الخير والشر والتميز بينهما القائمة بالنفس المسماة بالعقل ، ولعله عليهالسلام فسره بهذا المعنى.
قوله عليهالسلام : الفهم والعقل ، يعني أعطاه الله الفهم والعقل ، وعليها مدار الحكمة فكان إعطاؤهما إعطاءها.
__________________
(١) سورة المؤمن : ٥٣.
(٢) سورة الذاريات : ٥٥.
(٣) سورة ق : ٣٧.
(٤) سورة لقمان : ١٢.