يا هشام إن لقمان قال لابنه تواضع للحق تكن أعقل الناس وإن الكيس لدى الحق يسير يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان وشراعها التوكل وقيمها العقل ودليلها العلم وسكانها الصبر.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : تواضع للحق ، أي لله تعالى بالإقرار به والإطاعة والانقياد له ، أو للأمر الحق بأن تقر به وتذعن له ، إذا ظهر لك حقيقته عند المخاصمة وغيرها ، وكونهما من دلائل العقل ظاهر.
قوله عليهالسلام : وإن الكيس لدى الحق يسير ، قال بعض الأفاضل في المصادر : الكيس والكياسة « زيرك شدن » والكيس « به زيركى غلبه كردن » فيحتمل أن يكون اليسير بمعنى القليل والكيس بأول المعنيين ، وأن يكون اليسير مقابل العسير ، والكيس بأحد المعنيين ، والمراد أن إدراك الحق ومعرفته لدى موافاته بالكياسة يسير ، أو أن الغلبة بالكياسة عند القول بالحق والإقرار به يسير ، ويحتمل أن يكون الكيس بالتشديد أي ذو الكياسة عند ظهور الحق بأعمال الكياسة ، والإقرار بالحق قليل ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
أقول : على تقدير أن يكون الكيس بالتشديد يحتمل أن يكون يسير فعلا بل على التقدير الآخر أيضا ، وقيل معناه على التقدير الآخر : إن كياسة الإنسان عند الحق سهل هين لا قدر له ، وإنما الذي له منزلة عند الله هو التواضع والمسكنة والخضوع ، وفي بعض النسخ أسير بدل يسير ، أي الكياسة أو صاحبها أسير عند الحق ، ولا يمكنه مخالفته ، وفي بعض النسخ لذي الحق بالذال المعجمة أي للمحق وهو بالنسخة الأخيرة أنسب.
قوله عليهالسلام : عالم كثير ، يمكن أن يقرأ بفتح اللام وكسرها.
قوله عليهالسلام : وحشوها ، أي ما يحشى فيها وتملأ منها ، والشراع ككتاب الملاءة الواسعة فوق خشبة يصفقها الريح فتمضي بالسفينة ، والقيم مدبر أمر السفينة ، و