يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة عليهمالسلام وأما الباطنة فالعقول.
يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ولا يغلب الحرام صبره.
يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله من أظلم نور تفكره بطول أمله ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.
يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك و
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : وأما الباطنة فالعقول ، لعل المراد بها هيهنا أي التي مناط التكليف وبها يميز بين الحق والباطل والحسن والقبيح.
قوله عليهالسلام : لا يشغل الحلال شكره ، أي لا يمنعه كثرة نعم الله عليه ، والاشتغال بها عن شكره لربه تعالى.
قوله عليهالسلام : نور تفكره ، هو فاعل أظلم ، لأنه لازم ، وإضافته إلى التفكر إما بيانية أو لامية ، والسبب في ذلك أن بطول الأمل يقبل إلى الدنيا ولذاتها ، فيشغل عن التفكر ، أو يجعل مقتضى طول الأمل ماحيا بمقتضى فكره الصائب ، والطريف : الأمر الجديد المستغرب ، الذي فيه نفاسة ومحو الطرائف بالفضول ، إما لأنه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلم بالفضول ، أو لأنه لما سمع الناس منه الفضول لم يعبأوا بحكمته ، أو لأنه إذا اشتغل به محي الله عن قلبه الحكمة.
قوله عليهالسلام : أفسد عليه ، أي أفسد على نفسه دينه ودنياه لما مر من قوله : أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.
قوله عليهالسلام : كيف يزكو ، الزكاة تكون بمعنى النمو وبمعنى الطهارة وهنا يحتملها.
قوله عليهالسلام : عن أمر ربك ، الأمر هنا إما مقابل النهي ، أو بمعنى مطلق