أطعت هواك على غلبة عقلك.
يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ورغب فيما عند الله وكان الله أنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة وغناه في العيلة ومعزه من غير عشيرة.
يا هشام نصب الحق لطاعة الله ولا نجاة إلا بالطاعة والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم والتعلم بالعقل يعتقد ولا علم إلا من عالم رباني ومعرفة العلم بالعقل
______________________________________________________
الشأن ، أي الأمور المتعلقة به تعالى.
قوله عليهالسلام : عقل عن الله ، أي حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرائعه ، أو أعطاه الله العقل ، أو علم الأمور بعلم ينتهي إلى الله بأن أخذه عن أنبيائه وحججه عليهالسلام إما بلا واسطة أو بواسطة ، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر.
قوله عليهالسلام : وغناه ، أي مغنية ، أو كما أن أهل الدنيا غناهم بالمال ، هو غناه بالله وقربه ومناجاته ، والعيلة : الفقر ، والعشيرة : القبيلة والرهط الأدنون.
قوله : نصب الحق ، وفي تحف العقول نصب الخلق ، والنصب إما مصدر أو فعل مجهول ، وقراءته على المعلوم بحذف الفاعل أو المفعول كما توهم بعيد ، أي إنما نصب الله الحق والدين بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه.
قوله عليهالسلام : والتعلم بالعقل يعتقد ، أي يشتد ويستحكم ، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق والإذعان.
قوله عليهالسلام : ومعرفة العلم ، وفي التحف ومعرفة العالم وهو أظهر ، والمراد هنا علم العالم ، والغرض أن احتياج العلم إلى العقل من جهتين لفهم ما يلقيه العالم ، والمعرفة العالم الذي ينبغي أخذ العلم عنه ، ويحتمل أن يكون المعنى أن العقل هو المميز الفارق بين العلم اليقيني ، وما يشبهه من الأوهام الفاسدة والدعاوي الكاذبة ، أو من الظن والجهل المركب والتقليد.