يا هشام قليل العمل من العالم مقبول مضاعف وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود.
يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا ـ فلذلك ( رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ).
يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض.
يا هشام إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة ونظر إلى الآخرة فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة فطلب بالمشقة أبقاهما.
يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : من العالم ، في التحف من العاقل.
قوله عليهالسلام بالدون ، أي القليل واليسير منها مع الحكمة الكثيرة ، ولم يرض بالقليل من الحكمة مع الدنيا الكثيرة.
قوله عليهالسلام : فضول الدنيا ، أي الزائد عما يحتاج إليه ، وقوله : وترك الدنيا جملة حالية.
قوله عليهالسلام : طالبة مطلوبة ، أي الدنيا طالبة للمرء لأن يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدر ، ومطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة ، والآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدر ومطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الأخروية بالأعمال الصالحة ، وقال بعض الأفاضل : لا يبعد أن يقال الإتيان بالعاطف في الآخرة بقوله : والآخرة طالبة ومطلوبة ، وتركه في قوله : الدنيا طالبة مطلوبة ، للتنبيه على أن الدنيا طالبة موصوفة بالمطلوبية ، فيكون الطالبة لكونها موصوفة بمنزلة الذات ، فدل على أن الدنيا من حقها في ذاتها أن تكون طالبة ، وتكون المطلوبة لكونها صفة لا حقة