المبتلى ثم قال : ألا أخبركم بالمجنون حق الجنون ؟
قالوا : بلى يا رسول الله قال : المتبختر في مشيه الناظر في عطفيه المحرك جنبيه بمنكبيه يتمنى على الله جنته وهو يعصيه الذي لا يُؤمن شرُّه ولا يُرجى خيرُه فذاك هو المجنون وهذا المبتلى ) (١) .
وقال الشاعر في مدح التواضع وذم التكبر :
تواضع تكن كالنجم لاح الناظر |
|
على صفحات الماء وهو رفيع |
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه |
|
إلى طبقات الجو وهو وضيع |
وقال آخر في مدح الأول وذم الثاني :
ملأى السنابل تنحني بتواضع |
|
والفارغات رؤسهن شوامخ |
وقال الإمام علي عليهالسلام من خطبة له في نهج البلاغة : فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة لا يُدرى أمِن سني الدنيا أم من سني الآخرة .
وحيث أن سيرة أهل البيت عليهمالسلام ابتداء بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وانتهاء بالإمام المهدي ( عج ) كانت تجسيداً حياً لكل ما في الإسلام من القيم الرفيعة وفي طليعتها التواضع فقد حدثنا التاريخ عن بلوغ كل واحد منهم الذروة في التجمل بمكارم الأخلاق وخصوصاً التواضع ولذلك كان لدعوتهم الناس للاتصاف بها الأثر البليغ بسبب اقترانها بالعمل والممارسة فكانوا داعين إلى ذلك بالسيرة والتطبيق العملي .
وحيث أن كل فضيلة هي حد وسط بين رذيلتي الإفراط والتفريط فلا بد من لفت النظر والتنبيه على سلوك نهج الاعتدال في مقام الاتصاف
__________________
(١) عن كتاب أخلاق أهل البيت للسيد مهدي الصدر ، ص ٤٤ .